مرة أخرى يكون المعبر الحدودي برأس جدير مسرحا لعديد القرارات الارتجالية وغير المتزنة.. فبعد ان تم غلقه مساء يوم امس وعلى امتداد الليلة الماضية يأت صباح امس قرار اعادة فتحه ولكن مرة اخرى هذا القرار لم يكتب له الاستمرار طويلا حيث ما ان تم فتحه حتى ياتي خبر اعادة غلقه من جديد. ليعاد فتحه من جديد. علما ان حركة العبور والأجواء بالمعبر اتسمت امس بالهدوء خلافا لليومين الماضيين. كل هذه القرارات جعلت الجميع يعيش في دوامة ولخبطة في ظل غياب المعلومة الصحيحة من مصدرها خاصة لوسائل الاعلام التي كانت متواجدة على عين المكان والتي ما أن تقدم خبر اعادة فتح هذا المعبر حتى تتفاجأ بخبر اخر يتمثل في اعادة غلقه من جديد علما ان المصالح الأمنية بالمعبر لم توقف تامين عودة التونسيين الي ارض الوطن من جهة الدخول وكذلك تامين عودة بعض الليبيين العائدين الي الاراضي الليبية من جهة الخروج بالمعبر التونسي.
فتح وغلق ثم فتح من جديد
انتشر صباح امس لدى الجميع اعادة فتح المعبر امام حركة العبور وما ان انتشر هذا الخبر حتى استعد عديد الصحافيين والمراسلين والإعلاميين الذين كانوا متواجدين بمدينة بن قردان على التحول الي المعبر من اجل القيام بمهام إعلامية من اجل تقديم الصورة والكلمة الدقيقة عن الوضع هناك لكن وهم في طريقهم الي المعبر تأتيهم معلومة اخرى تفيد بإعادة غلق المعبر من جديد. ولدى وصولنا الي المعبر لمعرفة حقيقة هذه الاخبار المتضاربة التي اربكت كل وسائل الاعلام حاولنا الاتصال بالمصالح الامنية وبعد جهد كبير ظفرنا ببعض المعلومات التي تفيد بان قرار اعادة الفتح كان جزئيا وخاصا بالحالات الإنسانية، اما بخصوص الاسباب التي ادت الي المصالح الامنية بالمعبر الى اتخاذ قرار غلق المعبر امام حركة العبور -وحسب ما افادنا به اطار امني- فان الأسباب تعود الى امور تنظيمية في سير حركة العبور الى جانب الامور الامنية التي تهم امن واستقرار تونس.
وقد اكد لنا محدثنا بان قرار اعادة فتح المعبر بين تونس وليبيا لن يطول خاصة بعد حصول اتفاق بين مصالح وزارة الداخلية بالبلدين بعد الجلسة الأمنية التي عقدت الليلة الماضية بين وحدات امنية تونسية وليبية وضعت عديد الاستراتيجيات والخطط الامنية لتامين حركة عبور الوافدين على تونس.
وقد تواصل انتظار الجميع الي حدود الساعة الثالثة من مساء امس ليتم بالفعل إعادة فتح المعبر امام العائلات الليبية الراغبة في القدوم الي الأراضي التونسية وتامين دخول كل الجاليات الاجنبية حسب ما يتطلبه القانون وان كانت حركة العبور بالمعبر خلال الساعات الاولى من اعادة فتحه تعتبر عادية فان تدفق عدد الوافدين متجه للارتفاع خلال الساعات القادمة.
اتفاق على ترحيل 2000 مصري
من اهم الاسباب التي تقرر عليها اعادة حركة العبور الي سالف نشاطه الاتفاق الحاصل بين تونس وليبيا ومصر والتي تملك اكثر عدد من الجالية المصرية المتواجدة بنقطة العبور من الجانب الليبي والتي احدثت مشكلا كبيرا لدى الوحدات الأمنية الليبية وحتى التونسية خاصة لما اراد عدد منهم اقتحام الحدود والدخول الي الأراضي التونسية بالقوة ما اجبر الوحدات الأمنية الليبية لاستعمال الرصاص الحي من اجل اجبارهم على التراجع.
لإجلاء المصريين العالقين على الحدود التونسية ـ الليبية جسر جوي لنقل ألفي مصري يوميا من مطار جرجيس.
تم امس خلال اجتماع جمع ممثلين عن تونس ومصر وليبيا الاتفاق على اقامة جسر جوي بين مصر ومطار جربة جرجيس الدولي لإجلاء المصريين العالقين على الحدود التونسية الليبية بمعدل 2000 مصري يوميا فضلا عن التفكير في امكانية استقبال باخرة بميناء جرجيس لتأمين نقل الجالية المصرية المقيمة في ليبيا.
وتأتي هذه الإجراءات في خطوة لحلحلة الوضع المتأزم على الحدود التونسية الليبية وفقا لما اعلن عنه ظهر امس محمد علي الشيحي الكاتب العام لوزارة الخارجية خلال ندوة صحفية التأمت امس بمقر الوزارة لتقديم اخر المستجدات للوضع على الحدود التونسية الليبية لاسيما مسالة المصريين العالقين على الحدود علما ان اللقاء عقد عقب اجتماع جمع ممثلين عن الجانب التونسي والليبي والمصري علاوة عن ممثلين عن وزارة الدفاع.
واستعرض الكاتب العام لوزارة الخارجية خلال اللقاء الاعلامي الذي تأخر عن موعده ساعة ونصف، تفاصيل الاجتماع، وحضره ايمن مشرفة السفير المصري ومحمد المعلول القائم بالأعمال الليبي.
وذكر كاتب عام وزارة الخارجية بان حوالي 2000 مصري تقريبا سيغادرون عبر مطار جربة- جرجيس يوميا وستكون الطائرات التي ستنقلهم كبيرة الحجم حتى يتسنى تسفير اكبر عدد ممكن.
واشار الى وجود تنسيق من الجانب المصري والليبي لإيجاد حلول عملية لإعادة المصريين العالقين على الحدود التونسية، مضيفا ان الحكومة المصرية تعهدت بتوفير كل الإمكانيات لترحيل الإخوة المصريين. كما تعهد الجانب الليبي بدوره بتسريع إجراءات دخولهم إلى التراب التونسي مشيرا في السياق ذاته الى ان وزارة الخارجية كانت سباقة لاحداث مركز لمتابعة هذه العملية.
ولدى مداخلته ثمن السفير المصري ايمن مشرفة جهود الحكومة التونسية التي وفرت كل المساعدات لإجلاء المصريين العالقين في المعبر قائلا :"انا على ثقة بأنه سيتم ترحيل المصريين العالقين من خلال الجسر الجوي الذي سيرحل اكبر عدد ممكن اي بمعدل 2000 و2500 فضلا عن انه يجرى النظر في فكرة استخدام باخرة في ميناء جرجيس".
من جهته اكد محمد المعلول القائم بالأعمال الليبي خلال كلمته التي القاها بان الجانب الليبي تعهد بان يسرع في ترحيل الاشقاء المصريين بسلام مشيرا في السياق ذاته الى ان وزير المواصلات ووزير الداخلية غادروا الأراضي الليبية فصد الالتقاء بنظرائهم.
تجدر الاشارة الى ان السفير المصري نفى ردا على أسئلة الاعلاميين سقوط عدد من القتلى في صفوف المصريين العالقين مشيرا الى انه لا تقارير رسمية لديه تؤكد ذلك على ان عدد المصريين العالقين يناهز 6 آلاف مصري.
كما اوضح كاتب عام وزارة الخارجية ردا على سؤال يتعلق بتداعيات استقبال الوفود اللاجئة على تونس التي تعاني وضعا اقتصاديا صعبا ان المصريين لم يدخلوا قصد الإقامة وإنما للعبور للعودة. وتطرق المتحدث الى قرار غلق الحدود مفسرا ان الموضوع فهم على وجه الخطأ على اعتبار ان تونس لم تغلق الحدود الا في اسوا الحالات مثلما حصل اول امس.
وقال في هذا الشان :"غلق الحدود قرار سيادي تأخذه دولة عندما تصبح غير قادرة على تامين دخول الأشخاص".
قرارات خلية الأزمة لإحكام المراقبة على المعابر وللتوقي من المخاطر الارهابية
التدقيق في الأشخاص والأمتعة والوثائق.. وتسهيل عبور الدبلوماسيين والأجانب
عقدت خلية الازمة حول الوضع الامني بالبلاد امس اجتماعها بقصر الحكومة برئاسة رئيس الحكومة مهدي جمعة وبحضور كل من وزراء الداخلية والدفاع الوطني والشؤون الخارجية والعدل والنقل والشؤون الاجتماعية والصحة والوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن.
وحسب بلاغ صادر أمس عن رئاسة الحكومة، تدارست خلية الأزمة الوضع على الحدود التونسية الليبية وتفعيل الإجراءات التنظيمية التصاعدية التي تم إقرارها لتأمين الحدود والإجراءات الصحية والإنسانية من جهة والاحتياطات الأمنية الخاصة بالتوقي من التهديدات والمخاطر الإرهابية من جهة أخرى.
بخصوص الوضعية على الحدود مع ليبيا قرر رئيس الحكومة مزيد أحكام التحري مع جميع الوافدين على بلادنا عبر المعابر الحدودية برأس جدير أو الذهيبة وتدعيم تفتيش جميع الأشخاص والأمتعة والوسائل والتثبت من الوثائق، ومواصلة تسهيل مرور الدبلوماسيين وأعضاء البعثات الدبلوماسية القادمين من ليبيا في إتجاه رأس جدير بعد التنسيق مع سفاراتهم عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية وتأمين عبورهم لمغادرة الأراضي التونسية بالسرعة المرجوة.
كما تقرر السماح بمرور الجاليات الأجنبية في حالة عبور إلى التراب التونسي ومزيد أحكام التنسيق مع الجهات المعنية لتوفير وسائل النقل الضرورية؛ وعدم السماح في كل الحالات بفتح مخيمات داخل التراب الوطني والتنسيق مع المنظمات الدولية والجهة الليبية لتجميع الأشخاص في الجانب الليبي وتوفير الدعم الصحي واللوجستي اللازم لهم؛ وتعزيز المراكز الحدودية المتقدمة المتواجدة بالمنطقة العسكرية العازلة بالإمكانيات المادية والبشرية اللازمة؛ فضلا عن مواصلة قبول الإجلاء الصحي القادم من ليبيا مع تكثيف المراقبة والتفتيش.
كما قررت خلية الأزمة التنسيق مع وزارة النقل للتعهد بتوفير العدد اللازم من وسائل النقل العمومي لنقل الأشخاص القادمين إلى بلادنا مترجلين عبر المعابر الحدودية إلى وجهاتهم المقصودة ؛ ووضع سيارات إسعاف تونسية ببوابات الدخول للتعهد بنقل المرضى داخل التراب التونسي؛ والتحكم في حركة المسافرين العاديين بين معبر رأس جدير والذهيبة حسب كثافة الحركة.
وأكد أعضاء خلية الأزمة أن الغلق المؤقت الفني لمعبر رأس جدير الذي تم اول أمس قد مكن من مزيد أحكام عملية العبور وتنظيمها وتيسير إتخاذ الإجراءات الضرورية لتأمين الحدود وخاصة التحكم في التدفق والقيام بالتحريات اللازمة. وأوصى رئيس الحكومة في هذا الصدد بتكثيف جهود الإغاثة الصحية والإنسانية.
كما قرر رئيس الحكومة أن تتولى خلية الأزمة عقد اجتماع مشترك بين مصالح البنك المركزي والإدارة العامة للديوانة والإدارة العامة للحدود والأجانب لاتخاذ الإجراءات الفورية واللازمة المتعلقة بإلزامية التصريح بالعملة والأشياء الثمينة والاستظهار بهذه التصاريح لدى السلط المعنية بكامل تراب الجمهورية كلما اقتضى الأمر ذلك.
كما أوصى رئيس الحكومة بالتعجيل بعمليات الإجلاء ومزيد أحكام التنسيق مع مصر الشقيقة لإقامة جسر جوي وبحري حتى تتم عمليات إجلاء الأشقاء المصريين بالفعالية والنفاذ وحسن العناية بالجالية المصرية.
كما أذن رئيس الحكومة بإصدار بلاغ مشترك بين وزارتي الداخلية والدفاع الوطني بداية من اليوم يقع ترويجه عبر وسائل الإعلام للتحسيس والتنبيه على الوافدين عبر المعابر الحدودية لوجوب الامتثال للإجراءات الأمنية بالمعابر وبالمنطقة العسكرية العازلة.
اجراءات خاصة بالتوقي من الأعمال الإرهابية
قرر رئيس الحكومة تعزيز تواجد وحدات الجيش الوطني بالمنطقة العسكرية العازلة؛ وتدعيم تأمين الشريط الحدودي الساحلي بالإمكانيات البشرية والوسائل الضرورية وتكثيف المراقبة والاستطلاع والانتباه لمحاولات التسلل؛ وتكوين قيادات مشتركة لضبط برنامج للتدخل الحيني والمباشر للتصدي للأعمال الإرهابية ؛ ووضع وحدة خاصة مشتركة بين القوات العسكرية والأمنية تعمل على مدار الساعة وتتدخل في مجال التهديدات الإرهابية عند رصد أي تحرك.
ودائما حسب بلاغ رئاسة الحكومة، أكد رئيس الحكومة أن تبقى أعمال خلية الأزمة المكلفة بمتابعة الوضع الأمني بالبلاد مفتوحة على مدار الساعة وأوصى بأن تتكثف الجهود العسكرية والأمنية وأن تتوحد تدخلاتها على جميع الجبهات وأن تكون ضمانة للأمن القومي والشامل للبلاد. ووجهت خلية الأزمة رسالة تحية وإكبار لقوات الجيش والأمن والديوانة للجهود التي يبذلونها للذود على حما وأمن الوطن.