قال وزير الداخلية لطفي بن جدّو إن الأجهزة الأمنية منعت في الأشهر الأخيرة أكثر من 9000 شاب تونسي من الشباب والفتيات من مغادرة تونس للالتحاق بالجماعات المقاتلة في سوريا، استنادا إلى قانون جواز السفر التونسي الذي يتيح لوزير الداخلية سحبه إذا ثبت استخدامه في ما يهدد أمن البلاد.
وأضاف الوزير في مقابلة مع قناة «العربية» أن هذا المنع تبنته فرنسا مؤخرا وان بلدانا أخرى تسعى الى اعتماده، وقال إنه بالتحقيق مع هؤلاء تبين أن حظهم من العلم قليل وأن كثيرا منهم من أصحاب السوابق الجنائية، وانه تم التواصل مع عائلاتهم ويتم الآن العمل على برنامج لتأهيلهم بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية ووزارة الثقافة من أجل تبيان الدين الصحيح.
وطمأن بن جدو التونسيين بأن الاستعدادات تتم على قدم وساق لتأمين سير الانتخابات التي ستشهدها تونس خلال شهري أكتوبر ونوفمبر القادمين، مبينا أنه تم وضع الخطط الكفيلة بتأمين الهيئات الانتخابية ومراكز الانتخابات ووضع خطط بديلة لمسارات توزيع المواد الانتخابية، مؤكدا جاهزية الأجهزة الأمنية وانتشارها على جميع أنحاء البلاد.
وشدد وزير الداخلية على جدية التهديدات للعملية الانتخابية مشيرا الى إصدار كل من «أبو عياض» زعيم «أنصار الشريعة» في تونس ودرودكال زعيم تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» لبيانات تهدد العملية الانتخابية التونسية، مشيرا الى أهمية تنظيم هذه الانتخابات باعتبارها تمثل نقطة الانتقال في البلاد من الوضع المؤقت الى الوضع الدائم الذي سيحقق الاستقرار.
وقال الوزير إن جهود وزارة الداخلية لتأمين العملية الانتخابية لا تتوقف على الجانب الأمني فحسب بل انها قامت بإجراء سلسلة تغييرات شملت إدارة الوزارة على المستويين الجهوي والمحلي بهدف تطبيق خارطة الطريق وما توصل إليه الحوار الوطني الذي كان من نتائجه تحييد المسؤولين المحليين ممن لهم علاقة بالعملية الانتخابية، مشيرا الى أن الوزارة أعفت كل من له انتماء ولون سياسي، وأنه تم تغيير 200 من المعتمدين ونحو 75 بالمائة من الولاة وبالتالي فإن الإدارة باتت تتمتع بالحيادية بعيدا عن التجاذبات الحزبية، ومقرّا بأن ذلك ضرورة تتطلبها هذه المرحلة ملاحظا أنه إثر الانتخابات من حق الفائزين إعادة تعيين من يرغبون مثلما هو معمول به في الديمقراطيات.
وعن مواجهة التنظيمات الإرهابية في تونس، قال الوزير إن الإرهاب في تونس شهد تحولا نوعيا خلال عام 2014 مشيرا الى أنه انتقل من تنظيم محلي بحت يمثله تنظيم «أنصار الشريعة» الذي واجهته القوات الأمنية الى تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وتنظيم «داعش» وبالتالي فإن بقايا تنظيم أنصار الشريعة الذي تم تفكيكه قد بات محل تنافس واستقطاب من قبل هذين التنظيمين (القاعدة وداعش).
وأشار الوزير الى أن بعض القيادات التابعة لأنصار الشريعة قد فرت الى كل من العراق وسوريا لكسب ود التنظيمات الإرهابية هناك.
وأكد بن جدو على عدم إلقاء القبض على أي شخص ينتمي الى تنظيم «داعش» في تونس وأنه لم يتم رصد أي وجود لهذا التنظيم حتى الآن على الأراضي التونسية مقرّا أن هناك في المقابل وجودا لـ «القاعدة» في كل من القصرين والكاف وجندوبة في الوسط والشمال الغربي للبلاد، وأن هذا الوجود يعود الى أواخر عام 2012.
وأضاف الوزير أن ما يميز حضور «القاعدة» هو أن التونسيين أقلية ملاحظا أن القيادات اجنبية وان التمويل قادم من مالي ومن بعض الأثرياء العرب وان السلاح قادم من ليبيا ولاحظ أن الأجهزة الأمنية نجحت في حصر وجود هذه العناصر في الجبال وأنه يتم العمل على طردهم منها والقضاء عليهم إذا ما توفرت التجهيزات الضرورية، وأن الجيش التونسي ووحدات القوات الخاصة الأمنية تمكنت من تحقيق نجاحات وتوجيه ضربات قوية للإرهابيين كما تمت السيطرة على مناطق شاسعة من الشعانبي.
وحول تدفق الأسلحة من ليبيا، أوضح الوزير أن الأوضاع في ليبيا وعدم قدرة حكوماتها على السيطرة على الأوضاع فاقمت من تدفق السلاح باعتبار أن تنظيم «أنصار الشريعة» في تونس له نظير في ليبيا وأن السلطات الأمنية تتصدى على مدار الساعة لعمليات التهريب، مشيرا الى أن تهريب السلاح سجّل تحوّلا وأنه بعد أن كان يتم ضبط الرشاشات والقنابل اليدوية تطور الأمر الآن لتضبط السلطات الأمنية الصواريخ المحمولة والأسلحة التي تعد نوعا ما ثقيلة، ملاحظا أنه تمّ إنشاء منطقة عازلة بين تونس وليبيا لوقف تدفق السلاح ووقف عودة التكفيريين التونسيين الذين تدربوا في ليبيا.
وفي ما يتعلق بالتقديرات المتعلقة بعدد التونسيين الملتحقين بـ «داعش»، قال بن جدو إن التقديرات الأمنية تشير الى أن عددهم في حدود 2500 شخص عاد منهم نحو 250 شخصا تم تقديمهم للقضاء وأودع معظمهم السجن بتهمة الانتماء الى تنظيم إرهابي في الخارج وقال انه تم إنشاء قاعدة بيانات لهؤلاء من أجل إطلاق مبادرة في وقت لاحق وهي الدخول في حوار بمشاركة أطراف أخرى مثل وزارة الشؤون الدينية ووزارة الثقافة مبينا أن استراتيجية محاربة الإرهاب شهدت تحولا نوعيا في تونس وانها لن تقوم على المعالجة الأمنية، بل تتعدى ذلك الى المواجهة الفكرية.