أعلن وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي (مستقل) استقالته من منصبه في الحكومة التي تقودها حركة النهضة الحاكمة بسبب «الضبابية التامة» للمشهد السياسي في تونس. وقال الزبيدي، في تصريح أدلى به الليلة قبل الماضية لتلفزيون «نسمة»: «قدمت استقالتي لعلي العريض (المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة)، وطلب مني المواصلة، لكني أعطيته كل الأسباب التي تجعلني غير قادر على مواصلة مهامي». وأوضح أن هذه الأسباب هي «الضبابية التامة» للمشهد السياسي في تونس وعدم توفر «خارطة طريق (سياسية) واضحة للذهاب إلى الانتخابات (العامة) في أحسن الظروف وأسرع الأوقات». وحذر الزبيدي من أن «المؤسسة العسكرية متعبة ولم تعد لها الجاهزية» اللازمة بسبب انتشارها منذ أكثر من عامين لحفظ الأمن داخل البلاد وعلى الحدود. وقال: «لدينا تهديد (أمني) من الداخل وخاصة من الخارج (على الحدود)؛ لذلك نريد تكثيف وجودنا على الحدود» مع الجارتين ليبيا (شرق) والجزائر (غرب). يذكر أنه تم تعيين الزبيدي وزيرا للدفاع بعد «الثورة» التي أطاحت في 14 يناير (كانون الثاني) 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقالت مصادر لـ«رويترز» إن عبد الحق الأسود، الذي لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، سيخلف الزبيدي. وينسب كثير من التونسيين للزبيدي فضل تحييده للمؤسسة العسكرية وإبعادها عن السياسية. وقال الزبيدي: «المكان الطبيعي للجيش هو الثكنات وعلى الحدود، خصوصا أننا نواجه الكثير من المخاطر على الحدود». في إشارة إلى الحدود مع ليبيا والجزائر. وفي سياق ذلك، أعلن محمد بن سالم وزير الفلاحة في حكومة حمادي الجبالي المستقيلة والعضو المفاوض من حركة النهضة في مشاورات التشكيلة الحكومية الجديدة، أن الزبيدي قدم استقالته لأسباب عائلية بالأساس، موضحا أنه سبق أن تقدم بالاستقالة يوم 15 سبتمبر (أيلول) 2012 بعد يوم واحد من الهجوم الدموي على سفارة الولايات المتحدة لدى تونس بعد أن اعتبر الزبيدي أن تلك الأحداث «أمر غير مقبول وغير معقول». وذكرت مصادر مقربة من المؤسسة العسكرية أن الزبيدي عبر عن استيائه من إعلان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي حالة الطوارئ دون الرجوع إلى الجيش. على صعيد آخر، أعرب الرئيس التونسي عن أمله في أن تجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية قبل نهاية العام الجاري، لكي تخرج بلاده من المرحلة الانتقالية، والدخول في مرحلة من الاستقرار المأمول. وقال المرزوقي للصحافيين أمس: «اقترحت أن تكون الانتخابات التشريعية في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والانتخابات الرئاسية في أواخر سبتمبر». وحول التاريخ المقرر للمصادقة على الدستور، أوضح المرزوقي أنه يدفع بكل قواه «الأطراف في المجلس الوطني التأسيسي لإكمال الدستور خلال الشهر المقبل، والمرور مباشرة إلى الانتخابات، لا سيما أن الدورة الاقتصادية تسير ببطء، وهذا ينعكس على معيشة الناس». ومن جهته، أعلن محمد بن سالم، في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، أن العريض سيقدم اليوم قائمة أعضاء الحكومة إلى الرئيس المرزوقي. وقال بن سالم لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف الجديد المشارك في الحكومة اتفق بصفة نهائية على تقديم الحكومة الجديدة بمن وافق على المشاركة في الآجال الدستورية دون المزيد من خسارة الوقت. وكشف بن سالم عن وجود ورقة سياسية قال إنها موضع نقاش بين الأحزاب السياسية هدفها تحديد روزنامة المحطات السياسية القادمة، وأن أكتوبر 2013 سيكون موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
أرشيف الموقع
وزير الدفاع التونسي ينفض يده من حكومة النهضة
احزاب معارضة تشكك في تخطيط النهضة لاختراق المؤسسة العسكرية من خلال تعيين وزير دفاع محسوب على التيار الاسلامي. قرر وزير الدفاع الوطني المستقل عبدالكريم الزبيدي تقديم استقالته، رغم المحاولات الكثيرة لثنيه عن هذه الاستقالة في الوضع الراهن وسط شكوك حول تخطيط النهضة اختراثق المؤسسة العسكرية. وقال الزبيدي انه قدم استقالته إلى الرئاسات الثلاثة في تونس، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس التأسيسي، رغم أن رئيس الحكومة الجديد علي العريض كان قد عرض عليه البقاء في منصبه ضمن الحكومة التي يجري تشكيلها. وجاءت استقالة وزير الدفاع بعد ياسه من حلّ الأزمة السياسية في البلاد وعدم وضوح الرؤية في حكومة علي العريض متهما المشرفين على القرار السياسي بعدم إدراكهم أن الوضع الآن بحاجة إلى حلول سريعة، تتمثل خاصة في تشكيل حكومة مستقلة بعيدًا عن أي المحاصصة الحزبية ووضع خارطة طريق حكومية واضحة. ومنذ أحداث الثورة نأت المؤسسة العسكرية بنفسها عن الاصطفاف الحزبي لكن يبدو أن توترا بين وزير الدفاع ورئاسة الجمهورية قد برز على السطح ودفع أيضا عبد الكريم الزبيدي وهو شخصية مستقلة وغير متحزبة إلى طلب الاستقالة. وقال الزبيدي "قدمت استقالتي منذ 15 أيلول/ سبتمبرلأن ما حصل من أحداث أمام السفارة الأميركية آنذاك لم يكن مقبولا". وكرّر أن السبب الرئيسي الذي دفعه إلى التخلي عن منصبه هو انعدام وضوح الرؤية، حيث قال "هناك ضبابية كبيرة، بل تامة، وقد ظهر بالكاشف أن فترة الحكومة الثانية التي قادها حمادي الجبالي تميّزت بعدم الاستقرار، وانعدام الوضوح على عكس الحكومة الأولى التي قادها الباجي قائد السبسي". وأوضح الزبيدي أنه وعلى عكس حكومة الباجي قايد السبسي التي كان هاجسها الأول الوصول بالبلاد إلى أول انتخابات ديمقراطية في 23 تشرين أول/ أكتوبر 2011 وقد نجحت في ذلك فإن حصيلة الحكومة بعد الانتخابات أفرزت عدم استقرار أمني وغياب التنمية والحلول للمشاكل الاجتماعية. ومنذ أحداث الثورة نأت المؤسسة العسكرية بنفسها عن الاصطفاف الحزبي لكن يبدو أن توترا بين وزير الدفاع ورئاسة الجمهورية قد برز على السطح ودفع أيضا عبدالكريم الزبيدي وهو شخصية مستقلة وغير متحزبة إلى طلب الاستقالة. وتُعقد الاربعاء جولة جديدة من المشاورات حول تشكيل حكومة على العريض. وقد شهدت جلسة الثلاثاء انسحاب وفد حركة (وفاء) منها بسبب التفاوض على المحاصصة الحزبية قبل تحديد برامج الحكومة القادمة وخارطة طريق واضحة للفترة المقبلة"، كما صرح سليم بوخذير الناطق الرسمي باسمها. في الاثناء تم تسريب أحد الأسماء المحسوبة على التيار الإسلامي والمرشحة لمنصب وزير الدفاع خلفا للزبيدي في الحكومة الجديدة التي يجري تشكيلها على الرغم من وجود توافقبين جميع الاطراف لبقاء الزبيدي حفاظا على مبدأ حيادية وزارات السيادة. وقال المتابعون للشان التونسي ان هذه الخطوة تعتبر محاولة من حركة النهضة أخونة الجيش التونسي وضمه الى صفوفها بعد ان رتب وزير الداخلية على العريض تفاصيل نجاح الانتخابات القادمة لصالح الحركة من خلال التعيينات في البلديات والمحافظات. وتداول المغردون على مواقع التواصل الاجتماعي في وقت سابق خبرا مفاده ان بعثة عسكرية تونسية سافرت الى قطر في اطار تبادل الخبرات الا ان هذه البعثة رجعت بمهمات دعاة. وحذر المغردون من خطر هذه الظاهرة متهمين حركة النهضة بمحاولة احتواء الجيش التونسي خاصة بعد ان صرح رئيس الحركة راشد الغنوشي ان الجيش غير مضمون. ويرى محللون ان تعيين وزيرا للدفاع محسوب على النهضة من شأنه ان يفجر الوضع في البلاد بعد ان اصبح بمثابة القنبلة الموقوتة جراء موجة الغلاء التي انطلقت منذ استلام حركة النهضة لمهام الحكومة المؤقتة واغتيال المعارض شكري بالعيد. وتساور الأحزاب المعارضة شكوكا من محاولات اختراق المؤسسة العسكرية التي بقيت بعيدا عن التجاذب السياسي وعن السلطة على الرغم من حالة الفراغ التي أعقبت فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وكان رئيس أركان الجيوش الثلاثة الجنرال رشيد عمار قد حذر بدوره في "مجلس الحكماء" الذي تم تشكيله من قبل سياسيين وشخصيات وطنية قبل استقالة رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، من أن الأوضاع الأمنية في البلاد خطيرة جدا. وزادت تلك الشكوك بقوة في تشرين أول/ أكتوبر الماضي عندما انتشر فيديو على موقع التواصل الاجتماعي يبرز فيه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وهو يتحاور مع عناصر من التيار السلفي قائلا إن"الجيش والأمن والإعلام غير مضمونين" بيد الإسلاميين الذين اعتلوا السلطة
الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي في حوار شامل لـ”الخبر” -“التنسيق السياسي و الأمني رفيع بين الجزائر وتونس”
اعتبرت تسليم البغدادي طعنا لشرف تونس / أحاور السلفيين الإصلاحيين أما المسلحون فلهم الجيش الدستور في أفريل والرئاسيات في سبتمبر والتشريعيات في أكتوبر / الصحافة الفرنسية المرتبطة بالمعارضة تروج الأكاذيب بتواضع كبير استقبلنا الرئيس التونسي، محمد منصف المرزوقي، في قصر قرطاج، حيث خص ''الخبر'' بحوار شامل، تحدث فيه عن مساعي تونس للحصول على ودائع مالية من الجزائر، وكشف عن مجمل التطورات السياسية والتداعيات المرتبطة بحادث اغتيال شكري بلعيد، وتشكيل الحكومة الجديدة، وأكد على أن مثوله أمام قاضي التحقيق كان فعل ''مواطن''. وأوضح أن التونسيين لم يعد لديهم الكثير من الصبر على الحكومة. وكشف عن مبادرته إلى الاستقالة من منصبه بعد تسليم المحمودي البغدادي إلى ليبيا، وعن الانفلات الإعلامي في تونس، والتشويه الذي يقوم به جزء من الإعلام الفرنسي على تونس، وعاد إلى بعض المحطات في مسيرته النضالية. لم نتعود في سياقنا العربي على مثول رئيس جمهورية أمام قاضي التحقيق وهو في منصب المسؤولية، ما هي الرسالة التي أردتم توجيهها من خلال مثولكم الأخير، وهل لنا أن نطلع على مضمون شهادتكم في قضية اغتيال الفقيد شكري بلعيد ؟ أولا الرسالة هي أننا اليوم في نظام يمارس الشفافية المطلقة وليس لي ما أخفيه عن الرأي العام، وثانيا نحن نريد أن نكون في نظام تتوضح فيه هيبة القضاء، وأن رئيس الجمهورية هو مواطن له كل الحقوق وكامل الواجبات، وبالتالي أمام القضاء عليه أن يتصرف كأي مواطن، هذا فهمي للديمقراطية، طلب مني أن أدلي بشهادتي، لأن ثمة أشخاصا قالوا إنني كنت على علم بأن المرحوم كان يتعرض للتهديد، وأنني كنت عرضت عليه الحماية، وأراد السيد قاضي التحقيق أن يستفسر مني، أعطيته الإجابة، لكن ولسرية التحقيق لا أستطيع كشفها الآن. كنتم متواجدين في البرلمان الأوروبي عندما تلقيتم خبر الاغتيال، ما كان شعوركم لحظتها وهل ساوركم شك في أن تونس تتجه إلى المجهول...؟ طبعا كانت لحظة صعبة بالنسبة لي، لأنني كنت أعرف المرحوم، وشارك معنا أكثر من مرة في التقليد الذي دأبت عليه منذ أكثر من سنة ونصف السنة، حيث تعودت منذ فترة على جمع، في أول جمعة من كل شهر، كل قادة الأحزاب حول طاولة العشاء، يجتمع حولي كل الذين يشتمونني ويشتمون بعضهم البعض، وأنا قلت لهم إنكم تدخلون معارضين وتخرجون معارضين. كنت أعرف شكري بلعيد وكنت أحبذه كشخص، ولذلك حزنت لعائلته ولحزبه، لكنني حزنت أكثر لتونس، لأننا لم نعرف في تونس الاغتيال السياسي إلا نادرا، كاغتيال الهادي شاكر وصالح بنت يوسف وفرحات حشاد. بعد الاغتيال كنت خائفا، وفي الواقع كنت خائفا قبل ذلك، لأن العنف اللفظي تصاعد كثيرا في هذه البلاد وحدث ما حدث. وكنت أخشى أن يكون الأشخاص الذين فعلوا هذه الفعلة النكراء مستعدين لإدخال البلد في صراع يمكن أن يؤدي إلى تهديد الوحدة الوطنية. الحمد لله طوقنا الوضع، وسنلقي القبض قريبا على هذا المجرم الذي ارتكب هذه الجريمة في حق تونس. اغتيال بلعيد خلق وضعا سياسيا جديدا في تونس وبرز استقطاب سياسي حاد، إلى أي حد تعتقدون أن حركة النهضة تتحمل جزءا من المسؤولية، وإلى أي حد تتحمل المعارضة بدورها جزءا من المسؤولية..؟ أنت تضع الأصبع على الإشكالية الكبرى في تونس. طول الوقت كنت أسعى إلى منع حدوث استقطاب ثنائي، هذا البلد يجب أن يُحكم في الوسط من قبل إسلاميين معتدلين وعلمانيين معتدلين، وأن يعملوا مع بعضهم، لأنه لو حدث هذا الاستقطاب الثنائي فسنعود إلى وضعية التسعينات، حكومة إسلامية ضد علمانيين تضعهم في السجون، أو العكس، العلمانيون يأخذون السلطة ويقمعون الإسلاميين. نجحنا في أن الحكومة التي تتشكل ستحافظ على نفس التشكيلة، علمانيون معتدلون وإسلاميون معتدلون. وأنا دوري أن أحاول الحديث مع الإسلاميين والسلفيين والعلمانيين ''المتشددين''، لإقناعهم بأنه ليس لدينا خيار آخر غير ذلك، حتى نصل إلى الانتخابات المقبلة، وحينها سيفرز الشعب الأغلبية التي يريد أن تحكمه. هل تحييد وزارات السيادة كاف لإرضاء المعارضة وتجاوز الانسداد الحالي والوصول إلى حكومة تعيد الاستقرار السياسي؟ نجحنا في إقناع الإخوة في حركة النهضة بالموافقة على تحييد وزارات السيادة، لكونه مطلب المعارضة وأغلبية الشعب، لكنني لست متأكدا من أن المعارضة لن تواصل إطلاق مطالب أخرى، أتفهم أن دور المعارضة هو تعجيز السلطة، لكن ما يهمني ألا نذهب كثيرا في هذا، لأنه سيؤدي إلى الغلو والشطط. العنف اللفظي إذا تجاوز الخط الأحمر يصبح دعوة إلى العنف الجسدي، وبعد أن حدثت الصدمة بدأ الجميع يفهم أنه من حق كل من المعارضة والسلطة أن تمارس دورها، لكن المهم أن نصل إلى الانتخابات المقبلة. هل اتضحت أجندة صياغة الدستور والانتخابات المقبلة باعتبار أن المعارضة تعتقد أن تأخر ذلك هو أحد أسباب الأزمة الراهنة؟ هذا مؤكد، ولهذا اقترحت أن تكون الانتخابات التشريعية في أواخر أكتوبر المقبل والانتخابات الرئاسية في أواخر سبتمبر، وأنا أدفع بكل قواي الأطراف في المجلس التأسيسي لإكمال الدستور في أفريل المقبل، والمرور إلى الانتخابات، خاصة أن الدورة الاقتصادية في تونس تدور ببطء، وهذا ينعكس على معيشة الناس. صحيح أننا، رغم الوضع غير المستقر، حققنا نسبة نمو بـ6,3 بالمائة، وهذا أمر طيب، غير أن محافظ البنك المركزي الذي استقبلته، أمس، أبلغني أننا يمكن أن نحقق من 5 إلى 6 بالمائة إذا استقر الوضع السياسي. لدينا اقتصاد قابل للتطور، الانتهاء من الدستور والذهاب إلى انتخابات وتشكيل حكومة مستقرة لمدة خمس سنوات، أصبح ضرورة حياتية لحل مشاكل الناس. بالنظر إلى الكلفة الاجتماعية الغالية للأزمة الراهنة في تونس، هل تعتقدون أن التونسيين يمكن أن يصبروا أكثر على الحكومة؟ التونسيون لن يصبروا علينا كثيرا إذا بقيت الأمور غامضة وضبابية، وإذا لم تكن هناك مواعيد سياسية محددة، ولهم الحق في ألا يصبروا، وأنا معهم وأتعاطف مع مطالبهم، كل ما أتمناه أن تبقى هذه المطالبات في حدود اللاعنف، وإلا فإنها ستكون كارثة، خاصة على المناطق الداخلية الفقيرة التي تعيش في دوامة الفقر والبطالة، التي تؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات، وتصاعد الاحتجاجات يؤدي إلى عدم الاستقرار، وعدم الاستقرار يؤدي إلى أن رأس المال الداخلي لا يذهب للاستثمار في المناطق الداخلية، والناس لا تفهم أن الدولة لا تشغل، ومن يشغل هو القطاع الخاص، والقطاع الخاص بحاجة إلى الاستقرار للعمل، هذه الدوامة انتحارية للجميع، أنا لا أعد الناس بأننا سنتغلب على البطالة، لكن نستطيع أن نحسن ظروف حياة الناس. إلى أين وصل مسار العدالة الانتقالية في تونس ومساعي استرداد الأموال المهربة وإحضار الرئيس بن علي من السعودية وباقي المطلوبين من الخارج؟ هذه ثلاث مسائل سلبية، في العدالة الانتقالية لم نتقدم كثيرا، وهذا أحد الأسباب التي أدت إلى اهتزاز الحكومة، استرداد الأموال سلبي أيضا، لأننا لم نجد التعاون الكافي من قبل الدول، والمجرمون عرفوا كيف يخفون الأموال، ونحن لا نملك التقنيات الكافية لتتبع مسارها، لكن الثابت أننا لن نتخلى عن هذا الموضوع، نحن في خضم مشاكلنا ليست لنا القدرة لمتابعة هذه المسائل، لكن حين تستقر الدولة بعد الانتخابات سنعمل على تحقيق ذلك، أما بالنسبة لاسترداد المجرمين الموجودين في السعودية وفي دول الخليج، فطلباتنا مازالت معلقة، نحن نواجه تسونامي من المشاكل الداخلية، والأولوية الآن لصياغة الدستور وإجراء الانتخابات ومحاربة ارتفاع الأسعار، وبعدها سنتفرغ لتلك الملفات. برزت في الفترة الأخيرة جملة من التحديات الأمنية في تونس، تزامنا مع اغتيال شكري بلعيد، تم الكشف عن مخابئ سلاح وبروز التيار السلفي المتشدد، ما تفسير وجود هذه الكميات من السلاح؟ ما أنا متأكد منه أن تونس مجتمع ودولة قوية، حدثت هزات كبيرة ومع ذلك تونس لم تنفجر ولم تدخل في حرب أهلية، أنا عشت من منصبي هذا الكثير من الهزات، عشت أزمة في 14 سبتمبر في أحداث السفارة الأمريكية، وفي 23 أكتوبر الماضي عندما قالوا بانتهاء الشرعية، وفي 6 و8 فيفري في حادث اغتيال شكري بلعيد وجنازته، لكن في كل مرة كنت أشعر أن الدولة متماسكة وبجيش قوي جمهوري وأجهزة أمنية استرجعت عافيتها، ومجتمع متماسك. أما بالنسبة للظاهرة السلفية، يمكن أن تشكل إزعاجا كبيرا، لكنها لا يمكن أن تشكل خطرا على الدولة أو المجتمع، السلفية هي من مخلفات العهد البائد، لأن بن علي عندما قضى على النهضة كحركة إسلامية معتدلة وسلمية، فتح المجال لقوى إسلامية تدربت وتعلمت الحرب في أفغانستان ثم رجعت إلى تونس، كما أن السلفية لها جذور اجتماعية بسبب الفقر المدقع، وإذا أضيف ذلك إلى طفرة السلاح بعد سقوط نظام القذافي والحرب في مالي، فهذا يجعل من هذا التيار مشكلة، والتعامل معه يجب أن يكون على أصعدة متعددة، التيار السلفي ليس كله متشددا، هناك تيار تقليدي وهناك تيار إصلاحي، أنا أردت أن أفتح الحوار مع التيار السلفي التقليدي والتيار الإصلاحي، أما التيار السلفي المسلح فسنقاومه، وهذه مسؤولية الجيش وأجهزة الأمن. أشدد هنا على أن ذلك يجب أن يتم في إطار القانون، ولا سبيل للعودة إلى أساليب بن علي. ما صحة التقارير التي تحدثت عن وجود 21 ألف تونسي يقاتلون في سوريا مع المجموعات المسلحة؟ الحديث عن التونسيين المتواجدين في سوريا كلام فارغ، ولا صحة لهذا الرقم، وأكذبه تكذيبا قاطعا، عددهم لا يتجاوز بضع مئات، هذه من الأشياء التي أكذبها تكذيبا قطعيا، هذه المعلومات غير صحيحة. على ذكر سوريا، كيف تقرأون ما وصلت إليه الأزمة الدامية في سوريا؟ هي مأساة كبرى بكل المقاييس، لم أكن أتصور أن يصل هذا البلد إلى هذا الوضع، أنا قلت في مقابل رحيل الأسد لتعط له ضمانات بعدم المحاكمة، وذهبت حتى إلى أن عرضت على بشار الأسد أن يأتي إلى تونس إذا أراد اللجوء، طبعا هذه أمور تجاوزتها الأحداث، كل ما أتمناه الآن أن تسعى الشعوب العربية إلى مساعدة الشعب السوري الذي كان شعبا مضيافا، وعلى المستوى السياسي نحن مستعدون لأن تكون تونس مكانا للقاء وللتحاور ولوضع حد لهذه المأساة. كيف يمكن للجزائر أن تساعد تونس على تجاوز هذه المرحلة الحساسة ؟ فكرنا في الكثير من طرق مساعدة تونس من قبل الجزائر، فكرنا مثلا في أن تودع الجزائر قدرا من الأموال الوقفية (ودائع) في البنوك التونسية، فكرنا في مساعدتنا من خلال المساهمة أيضا في تنمية المناطق الحدودية باعتبارها المناطق الأكثر فقرا في تونس، وإذا نجحنا في تنمية هذه المناطق سنكون قد خففنا ضغطا كبيرا على تونس. العلاقات السياسية بين تونس والجزائر لم تكن أبدا في وضع أفضل مما هي عليه الآن، هناك توافق تام في النواحي السياسية وفي تنمية المناطق الحدودية، والعلاقات على الصعيد الأمني والعسكري في مستوى جيد جدا، وتفعيل هذه العلاقات مرتبط بالأساس بنا نحن في تونس، لأننا في وضع انتقالي، لكن لدي قناعة بأنه حالما تنتهي هذه الفترة في غضون ستة أو سبعة أشهر ستكون العلاقات مثالية. هل طلبت تونس رسميا من الجزائر ودائع مالية ؟ تناقشنا في الموضوع مع الإخوة الجزائريين، وربما سنعود إلى الحديث فيه في وقت لاحق، الأمر مرتبط بنا نحن في داخل تونس، لأنه يتعين علينا أن نضبط أمورنا وأن نضع الدستور والهياكل السياسية وحينها سيصبح كل شيء ممكنا. إلى أين وصلت مبادرتكم المتعلقة بالحقوق الخمسة الواجب منحها لرعايا دول المغرب العربي ؟ بالنسبة لي، الحقوق الخمسة هي (الدخول والخروج من دون جواز سفر، والتملك، وحرية الاستقرار، والعمل، والمشاركة في الانتخابات البلدية)، ثلاثة من هذه الحقوق أصبحت تحصيل حاصل للرعايا المغاربيين في تونس، الاستقرار والتملك والعمل، أما فيما يتعلق بالانتخابات البلدية، فأنا شخصيا سأقترح على البرلمان، سواء كنت في السلطة أو كنت في المعارضة، سن قانون لإعطاء هذه الحقوق لكل الرعايا المغاربيين المقيمين في تونس. كان مقررا عقد قمة مغاربية في العاشر أكتوبر الماضي لكنها تأجلت، ما هي أسباب التأجيل وهل هناك مشروع لإعادة تفعيل المبادرة؟ متمسكون بهذا المشروع، وأعتقد أن كل المغاربيين متمسكون به، لكن وضعنا صعب ومشاكلنا الداخلية استوعبت كل جهدي وطاقتي، وحالما تستقر الأوضاع في تونس سأعيد الكرة وسنمهد لعقد هذه القمة. في كل مناطق العالم، في آسيا وأوروبا وحتى في إفريقيا، نسبة الاندماج بين دول المناطق تصل إلى 40 بالمائة، بينما لا تتجاوز نسبة الاندماج بين الدول المغاربية 2 بالمئة، هذا غير منطقي، نحن منطقة شاذة، لذلك مشروع الاندماج المغاربي ضرورة لتحسين معيشة كل المغاربيين، لدينا في تونس مثل يقول: ''الدوام ينقب الرخام''، وأنا سأواصل العمل لعقد هذه القمة. الحرب في مالي تلقي بظلالها على الجزائر وتونس ودول الساحل، هل أخطأت فرنسا بتدخلها في مالي؟ موقفنا كان نفس الموقف مع الإخوة الجزائريين، كنا نفضل أن تبقى المسألة إفريقية - إفريقية، والآن وقد تدخلت فرنسا وفرضت واقعا آخر، الحرب بدأت وهي لن تنتهي قبل حل المشاكل الرئيسية، وهي أن تكون حكومة قوية منتخبة في مالي وحل مشكل الأقليات، ثم الملف الإرهابي الذي يجب متابعته بالوسائل اللازمة. الثابت أن تونس والجزائر على نفس الموقف، وهناك تنسيق أمني رفيع بين البلدين، وتنسيق سياسي، وأنا تحدثت مع الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، في ذلك، ويجب أن نبقى منتبهين لأي تهديد إرهابي لبلدينا. أثارت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي بشأن تونس موجة سخط، هل تم تجاوز هذه الأزمة بين البلدين؟ العلاقات بين تونس وفرنسا هي علاقات هيكلية لا تخضع للنزوات، لدينا 600 ألف تونسي في فرنسا، وفرنسا الشريك الاقتصادي الأول لتونس، هناك 1300 شركة فرنسية تعمل في تونس، إضافة إلى علاقات تاريخية قديمة. صحيح أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي تزعج، لكن لا يمكن أن تؤثر على علاقاتنا، وأنا لدي علاقات قوية وطيبة مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وهو سيزور تونس في 13 ماي المقبل. لاحظنا تحمسا كبيرا من الاتحاد الأوروبي لدعم تونس بعد الثورة، لكن الكثير من هذه الوعود لم يتم الوفاء بها، هل لوصول النهضة إلى الحكم صلة بذلك ؟ الدعم السياسي هام أيضا مثل الدعم الاقتصادي، وأنا ألقيت خطابا في البرلمان الأوروبي وكان هناك ترحيب كبير بالتجربة التونسية، ألمانيا قبلت أن تحول 60 مليون أورو من ديونها إلى استثمارات في تونس، الدعم الاقتصادي موجود، لكن المشكلة فينا نحن التوانسة، حينما نعطى كمية من المعونات، لا نستطيع تصريفها، لأن هناك عراقيل البيروقراطية والقوانين وقلة الكفاءة، نحن لم نوظف حتى الآن إلا 30 أو 40 بالمائة من المعونات التي مكنتنا منها أوروبا. الإعلام الغربي ينقل صورة عن تونس فيها الكثير من المخاوف على الحريات المدنية وحرية المرأة وبروز المجموعات الدينية، هل الوضع سوداوي إلى هذا الحد؟ أنا لا أتحدث عن الإعلام الغربي بمجمله، أنا قرأت في ''الأندبندنت ''البريطانية لأحد مشاهير المعلقين، يسخر من طريقة تعامل بعض الصحف الغربية مع التجربة التونسية، ويتساءل كيف يطلب من التونسيين أن ينجحوا بين عشية وضحاها. جزء من العتب موجود على الصحافة الفرنسية وخاصة المرتبطة بالأساس بجزء من المعارضة التونسية، والتي تنقل صورة مغلوطة، هؤلاء يتصورون أن تونس محكومة بنظام إسلامي، إن النهضة فعلا هي القوة الأكثر تمثيلا في البرلمان وتقود الحكومة، لكنها لا تحكم وحدها، رئيس الجمهورية ''علماني'' ورئيس المجلس التأسيسي ''علماني''، هذا لا ينتبهون إليه، ويقدمون تونس على أنها على طرف الأسلمة وهذا غير صحيح، ويمكن لمن يتجول في تونس أن يتأكد من ذلك، يقدمون تونس على أنها ستنهار تحت ضربات التيار السلفي، ويروجون لأكاذيب عن حرية الرأي والتعبير، لا يوجد بلد فيه حرية الرأي والتعبير مثل تونس، أصبحت حرية الشتم ليلا نهارا لرئيس الجمهورية، ومع ذلك لا يوجد صحفي واحد في السجن، ولم تحجز صحيفة ولم تغلق قناة تلفزيونية. لن نعالج الانفلات الإعلامي بالأساليب البوليسية، لدينا شعب ذكي أصبح يستهجن هذا الإعلام لمغالاته على ذكر الإعلام التونسي، يلاحظ أن هناك انفلاتا إعلاميا وحرية مفرطة في الصحافة التونسية، هل تعتقدون أن هذا الإعلام طرف في الأزمة الراهنة؟ الغلطة الكبيرة التي وقعت فيها الحكومة هي عدم تفعيل الهيئة العليا للإعلام، وعدم تفعيل المرسومين رقم 115 و116 المتعلقين بالإعلام، وتركت الإعلام من دون حسيب، أنا انتهيت من تعيين طاقم الهيئة العليا للإعلام، وقد نعلن عنها هذا الأسبوع، وهي التي ستضع أطر إعادة تنظيم الإعلام والحد من هذه الفوضى، كنت أقول كحقوقي وكرئيس الجمهورية إن كل سلبيات حرية التعبير أفضل من العودة إلى مرحلة الرقابة، والمهم ألا نعالج الطفرة الإعلامية بالأساليب الزجرية والبوليسية، لدينا شعب ذكي هو نفسه أصبح يستهجن جزءا من هذا الإعلام، ولمغالاته ولشططه أصبح من دون تأثير في الناس. هناك ثلاثة أمراض واضحة تنخر الإعلام التونسي: التسيس المفرط والمال القذر واللامهنية. شيئا فشيئا، سيعالج الإعلاميون مسألة المهنية، والمال القذر ستتم محاسبته وفق ''من أين لك؟'' وسنسعى إلى إنقاذ حرية التعبير من المغالاة. الكثير من الجدل في تونس حول قانون ''حماية الثورة'' والإقصاء السياسي، برأيكم هل بات مفيدا صدور هذا القانون؟ لو كان لهذا القانون قيمة كان يجب أن يفرض في الأشهر الثلاثة الأولى من الثورة، آنذاك كان بالإمكان أن يقع عقاب الناس الذين تورطوا في العهد السابق، الآن برأيي أصبح غير وارد، وأعتبر أنه جاء متأخرا، وصدوره قبل الانتخابات سيفسر خطأ، ويظهر أنه يستهدف إقصاء هذا أو ذلك أو للانتقام أو العزل. دائما أي قانون أو فعل سياسي، يجب أن يأتي في وقته أو لا يأتي، وأنا أعتبر أن قانون الإقصاء السياسي جاء متأخرا جدا، ومفعوله السلبي سيكون أكبر من مفعوله الإيجابي، وبالتالي أنا ضده. في ظل الهزات العنيفة التي شهدتها تونس، هل فكرتم مرة في الاستقالة من منصبكم ؟ المرة الوحيدة التي قررت فيها الاستقالة وكتبتها فعلا، هي عندما سلمت الحكومة التونسية رئيس الوزراء في عهد القذافي، المحمودي البغدادي، إلى السلطات الليبية، لأنني اعتبرت أن ذلك طعن في شرف تونس وفي شرفي. كتبت استقالتي، لكن المحيطين بي أقنعوني وطلبوا مني الذهاب للراحة لـ48 ساعة، بعدها هدأت الأمور واعتذرت الحكومة، وأنا قدرت حينها المصلحة الوطنية، وأنا الآن مصمم على المضي في هذه المسؤولية، لأنني أعتبر نفسي عنصر توازن، ومسؤوليتي هي البقاء في منصبي حتى يقرر التونسيون من يحكمهم. كنتم تضعون صورة أحد شهداء الثورة على صدركم، ما الذي تحقق لعائلات الشهداء؟ تحقق لهم الكثير ولم يتحقق لهم الكثير، على الأقل في هذا القصر جزء كبير من المخصصات المالية التي كانت موجهة إلى قصر الرئاسة ذهبت للتكفل بعائلات الشهداء، وهذا أمر لا يعرفه الجميع، ومع ذلك أعتبر أن الحكومة مقصرة في حق هؤلاء، ومقتنع بأنه كان يمكن أن نفعل لهم الأفضل، أنا لدي مستشارة خاصة في الرئاسة لمتابعة الملف، ونحن نعمل بهدوء لحساسية القضية. قلتم: كان البوليس يتبعني ليراقبني في عهد بن علي، فأصبح البوليس يتبعني ليحميني، هل هذا فقط ما تغير بالنسبة لكم ؟ في علاقتي بالبوليس نعم، أنا منذ 20 سنة لا أستطيع أن أتحرك إلا وورائي كوكبة من البوليس، وهذا أمر مزعج، وأنا رجل أحب أن أعيش حرا طليقا، وكم أتمنى لو أستطيع المشي في الشارع بحرية مثل كل الناس. هل سيترشح الرئيس المرزوقي للانتخابات الرئاسية المقبلة؟ هذا يعتمد على الصلاحيات الموجودة في الدستور المقبل، ويعتمد على وجود رغبة من الناس في ترشحي، وعلى التوازنات السياسية، وعلى صحتي وعلى العائلة التي تضغط في الاتجاه المعاكس. الثابت أنني لا أشغل نفسي بهذا الموضوع الآن، حتى لا أصبح سجينا لسياسة معينة. أنا قررت أن أتصرف كما لو لم أكن مترشحا، وكما لو أنني مترشح، وفق: ''اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لأخراك كأنك ستموت غدا''. وإذا قررت أن أترشح سأقول للناس هذا ما فعلته لكم، وإذا قررت عدم الترشح فسأذهب إلى بيتي وأنا فخور بما قدمته لهذا البلد. كرمتكم الجزائر نهاية الثمانينات، ماذا بقي لكم من تلك الصورة؟ تلك كانت صورة جميلة جدا، في 1989 تحصلت على جائزة المؤتمر الطبي العربي، وجئت حينها إلى الجزائر وكرمني السيد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وكانت فرصة حقيقية للشعور بالتضامن، وعلما أنه في هذا المكان (مكان إجراء الحوار) في عام 1981 تحصلت على جائزة بورقيبة للطب، وسلمت لي تزامنا مع تسليم الجائزة السنوية لعام 1982 التي تحصل عليها صديقي طبيب الأعصاب الجزائري محفوظ بوسبسي، رحمه الله، الذي اغتاله الإرهابيون، وكانت تجمعني به صداقة كبيرة. لدي ذكريات طيبة في الجزائر وأحب الجزائريين. الصحافة الجزائرية كانت لها مواقف مشرفة من نضالاتكم في العهد السابق؟ أنا مدين جدا للإعلام وللصحافة الجزائرية، التي كانت الوحيدة التي حاولت فك الحصار عني عندما كنت محاصرا في بيتي في عهد بن علي. أذكر أن بعض الصحفيين الجزائريين كانوا يدفعون البوليس التونسي حتى يصلوا إلى في بيتي، أنا مدين لهم بكثير من الاحترام والتقدير
تونس: وزير الدفاع يعتذر عن المشاركة في حكومة العريض ويقول ان الجيش منهك ويجب ان يعود للثكنات
أعلن وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال التونسية عبد الكريم الزبيدي، إعتذاره عن المشاركة في الحكومة التونسية الجديدة التي يسعى وزير الداخلية علي العريض إلى تشكيلها، بسبب الضبابية التي تلف المشهد السياسي في بلاده. ويأتي هذا الاعتذار عشية جولة جديدة من المشاورات السياسية لتشكيل حكومة تونسية جديدة برئاسة علي العريض خلفاً لحكومة حمادي الجبالي، الذي استقال من منصبه بعد إجهاض اقتراحه المتعلق بتشكيل حكومة تكنوقراط لإخراج البلاد من المأزق السياسي الذي تعيش فيه. وقال عبد الكريم الزبيدي في تصريح بثته قناة 'نسمة' التلفزيونية التونسية الخاصة ليلة الثلاثاء-الأربعاء، إنه اجتمع مع رئيس الحكومة المُكلف علي لعريض الذي طلب منه مواصلة مهامه في وزارة الدفاع، ولكنه اعتذر عن ذلك. وأضاف أنه أكد لعلي العريض عدم إمكانية الاستمرار في مهمته كوزير للدفاع لعدة أسباب، منها أن 'الأوضاع في البلاد ليست واضحة، بل ضبابية بسبب عدم وجود خارطة طريق واضحة تقودنا إلى انتخابات في أسرع وقت'. وكان الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي قد كلف علي لعريض القيادي في حركة النهضة الإسلامية بتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة رئيس الحكومة حمادي الجبالي من منصبه بسبب رفض مبادرته المتعلقة بتشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة ما تبقى من المرحلة الإنتقالية، وتحضر المناخ الملائم للانتخابات المرتقبة. واعتبر الزبيدي في تصريحه أن اعتذاره عن الإستمرار في منصبه كوزير للدفاع لا يعني أبداً أن له 'أجندة سياسية أو اعتبارات شخصية، ذلك أن كل ما في الأمر، أنني قمت بمهمتي التي هي واجب مقدّس'. وكرّر أن السبب الرئيسي الذي دفعه إلى التخلي عن منصبه هو انعدام وضوح الرؤيا، حيث قال 'هناك ضبابية كبيرة، بل تامة، وقد ظهر بالكاشف أن فترة الحكومة الثانية التي قادها حمادي الجبالي تميّزت بعدم الاستقرار، وانعدام الوضوح على عكس الحكومة الأولى التي قادها الباجي قائد السبسي'. وأشار في هذا السياق إلى أن أفراد المؤسسة العسكرية منتشرون في كامل أنحاء البلاد منذ أكثر من عامين، وهذا أمر في غاية الخطورة لا سيّما وأن في تاريخ المؤسسات العسكرية مثل هذا الإنتشار لا يتواصل أكثر من 3 أشهر. واعتبر أن مثل هذا الانتشار جعل المؤسسة العسكرية التونسية 'تاعبة، وليس لها الجاهزية تامة، خاصة وأن الجميع يعرف أن تحديات موضوعية كبيرة تواجه البلاد من الداخل، وكذلك أيضاً من الخارج ما يعني ضرورة تكاتف الجهود لرفعها'. ولفت في هذا الصدد إلى أنه قدم رسمياً استقالته من منصبه في 15 أيلول/سبتمبر الماضي، أي 'غداة أحداث السفارة الامريكية بتونس، على اعتبار أن ما تم ليس مقبولاً وغير معقول'. وأوضح أنه قدم استقالته للرؤساء الثلاثة أي رئيس الجمهورية منصف المرزوقي، ورئيس الحكومة في ذلك الوقت حمادي الجبالي، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، وذلك بحضور عدد من وزراء السيادة. وأضاف أنه طُلب منه في ذلك الوقت الاستمرار في منصبه، ولكنه عاد وأكد أنه قدّم أيضاً خلال الأيام الماضية استقالته لعلي لعريض وزير الداخلية الحالي، المُكلف بتشكيل الحكومة الجديدة. وقال الزبيدي 'المؤسسة العسكرية منتشرة منذ أكثر من عامين..الان الجاهزية نقصت بسبب نقص التدريب المستمر.' ويزيد هذا التصريح مخاوف التونسيين من غياب الامن في المناطق الداخلية والحدود مع تزايد نشاط جماعات اسلامية متطرفة. وتسلّم عبد الكريم الزبيدي حقيبة وزارة الدفاع التونسية في حكومة الباجي قائد السبسي التي جاءت بعد استقالة حكومة محمد الغنوشي بعد نحو شهر من سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011، وقد حافظ عليه حمادي جبالي في حكومته التي تشكلت بعد انتخابات 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011. وكانت تقارير إعلامية أشارت في وقت سابق إلى أن علي لعريض قبل اعتذار عبد الكريم الزبيدي عن المشاركة في تشكيلة حكومته المرتقبة، وقد اقترح خلال المشاورات مع الأحزاب التي وافقت على الانضمام لحكومته، اسم عبد الحق الأسود لخلافة عبد الكريم الزبيدي في وزارة الدفاع. ويُنتظر أن تُعقد جولة جديدة من المشاورات حول تشكيل الحكومة التونسية، علماً وأن جولة الأمس شهدت انسحاب وفد حركة (وفاء) منها بسبب 'التفاوض على المحاصصة الحزبية قبل تحديد برامج الحكومة القادمة وخارطة طريق واضحة للفترة المقبلة'، على حد تعبير سليم بوخذير الناطق الرسمي باسمها. واعتبر بوخذير أن برنامج حكومة علي لعريض 'هو وثيقة إدارية أقرب إلى مدونة سلوك وليس إلى برنامج حكومة، وأن خياراتها مازالت ضبابية'. وتُشارك في هذه المشاورات 5 أحزاب هي حركة النهضة الإسلامية، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وحركة وفاء، وحزب التحالف الديمقراطي، والكتلة النيابية الحرية والكرامة. وكانت غالبية أحزاب المعارضة التونسية قد أعلنت رفضها المشاركة في الحكومة التي يعتزم علي لعريض تشكيلها، وخاصة منها الإئتلاف الحزبي اليساري (الجبهة الشعبية) الذي لم يتردّد في وصف تكليف علي لعريض تشكيل هذه الحكومة، بأنه 'إعادة إنتاج لعناوين الفشل التي طبعت الحكومة المستقيلة برئاسة حمادي جبالي'. دعا الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي، إلى أن يؤول الحكم في تونس إلى إسلاميين وعلمانيين معتدلين على حد سواء، حتى تتفادى البلاد الاستقطاب الثنائي الذي يعصف باستقرارها. وقال المرزوقي في حوار مع صحيفة (الخبر) الجزائرية نشر امس الاربعاء، إنه 'طول الوقت كنت أسعى إلى منع حدوث استقطاب ثنائي، هذا البلد يجب أن يُحكم في الوسط من قبل إسلاميين معتدلين وعلمانيين معتدلين، وأن يعملوا مع بعضهم، لأنه لو حدث هذا الاستقطاب الثنائي فسنعود إلى وضعية التسعينات، حكومة إسلامية ضد علمانيين تضعهم في السجون، أوالعكس، العلمانيون يأخذون السلطة ويقمعون الإسلاميين'. واعتبر المرزوقي أن نجاح تونس يكمن في أن الحكومة المقبلة التي ستتشكل 'ستحافظ على نفس التشكيلة، علمانيون معتدلون وإسلاميون معتدلون. وأنا دوري أن أحاول الحديث مع الإسلاميين والسلفيين والعلمانيين المتشددين لإقناعهم بأنه ليس لدينا خيار آخر غير ذلك، حتى نصل إلى الانتخابات المقبلة، وحينها سيفرز الشعب الأغلبية التي يريد أن تحكمه'. وتوقع المرزوقي أن لا يؤدي تخلي حركة النهضة الحاكمة عن وزارات السيادة، الى تجاوز الانسداد الحالي والوصول إلى حكومة تعيد الاستقرار السياسي، قائلاً 'نجحنا في إقناع الإخوة في حركة النهضة بالموافقة على تحييد وزارات السيادة، لكونه مطلب المعارضة وأغلبية الشعب، لكنني لست متأكداً من أن المعارضة لن تواصل إطلاق مطالب أخرى، أتفهّم أن دور المعارضة هو تعجيز السلطة، لكن ما يهمني ألا نذهب كثيراً في هذا، لأنه سيؤدي إلى الغلو والشطط'. وشدد المرزوقي على أهمية صياغة الدستور للمرور إلى الانتخابات المقبلة باعتبار أن المعارضة تعتقد أن تأخر ذلك هو أحد أسباب الأزمة الراهنة. وقال 'لهذا اقترحت أن تكون الانتخابات التشريعية في أواخرتشرين الأول/ أكتوبر المقبل والانتخابات الرئاسية في أواخر أيلول/سبتمبر، وأنا أدفع بكل قواي الأطراف في المجلس التأسيسي لإكمال الدستور في نيسان/أبريل المقبل، والمرور إلى الانتخابات، خاصة أن الدورة الاقتصادية في تونس تدور ببطء، وهذا ينعكس على معيشة الناس'. وأضاف 'صحيح أننا، رغم الوضع غير المستقر، حققنا نسبة نمو بـ 3.6'، وهذا أمر طيّب، غير أن محافظ البنك المركزي الذي استقبلته، أمس، أبلغني أننا يمكن أن نحقق من 5 إلى 6' إذا استقر الوضع السياسي. لدينا اقتصاد قابل للتطور'، معتبراً أن 'الانتهاء من الدستور والذهاب إلى انتخابات وتشكيل حكومة مستقرة لمدة 5 سنوات، أصبح ضرورة حياتية لحل مشاكل الناس'. وحذّر المرزوقي من أن التونسيين 'لن يصبروا علينا كثيراً إذا بقيت الأمور غامضة وضبابية، وإذا لم تكن هناك مواعيد سياسية محدّدة، ولهم الحق في ألا يصبروا، وأنا معهم وأتعاطف مع مطالبهم، كل ما أتمناه أن تبقى هذه المطالبات في حدود اللاعنف، وإلا فإنها ستكون كارثة، خاصة على المناطق الداخلية الفقيرة التي تعيش في دوامة الفقر والبطالة، التي تؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات، وتصاعد الاحتجاجات يؤدي إلى عدم الاستقرار'. وبشأن استرجاع الأموال المهربة من عائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، أشار المرزوقي إلى أن القضية تبقى في مستواها السلبي 'لأننا لم نجد التعاون الكافي من قبل الدول، والمجرمون عرفوا كيف يخفون الأموال، ونحن لا نملك التقنيات الكافية لتتبع مسارها'، وقال 'الثابت أننا لن نتخلى عن هذا الموضوع، نحن في خضم مشاكلنا ليست لنا القدرة لمتابعة هذه المسائل، لكن حين تستقر الدولة بعد الانتخابات سنعمل على تحقيق ذلك، أما بالنسبة لاسترداد المجرمين الموجودين في السعودية وفي دول الخليج، فطلباتنا ما زالت معلّقة، نحن نواجه تسونامي من المشاكل الداخلية، والأولوية الآن لصياغة الدستور وإجراء الانتخابات ومحاربة ارتفاع الأسعار، وبعدها سنتفرغ لتلك الملفات'. من جهة ثانية، قال الرئيس التونسي إنه 'متأكد من أن تونس مجتمع ودولة قوية، حدثت هزّات كبيرة ومع ذلك تونس لم تنفجر ولم تدخل في حرب أهلية'. واعتبر أن 'الظاهرة السلفية، يمكن أن تشكل إزعاجاً كبيراً، لكنها لا يمكن أن تشكل خطراً على الدولة أو المجتمع، السلفية هي من مخلّفات العهد البائد، لأن بن علي عندما قضى على النهضة كحركة إسلامية معتدلة وسلمية، فتح المجال لقوى إسلامية تدرّبت وتعلّمت الحرب في أفغانستان ثم رجعت إلى تونس'. وأشار المرزوقي الى أن 'التيار السلفي ليس كله متشـــدداً، هــناك تيار تقليدي وهناك تيار إصلاحي، أنا أردت أن أفتح الــحــوار مع التيار السلفي الــتقليدي والتيار الإصلاحي، أما التيار السلفي المسلّح فسنقاومه، وهذه مسؤولية الجيش وأجهزة الأمن
أحمد نجيب الشابي: الثورة في تونس فاجأت الجميع.. وحركة النهضة استعجلت الحكم
زعيم الحزب الجمهوري يؤكد أن جهازا منظما وراء اغتيال بلعيد وأنه لا يصدق تورط خلية متشددة اتهم أحمد نجيب الشابي رئيس الحزب الجمهوري في تونس حركة النهضة بأنها استعجلت الوصول إلى الحكم، وأكد أن تحالفها مع حزبين علمانيين لم يكن مهيأ للحكم ولم ينجح في إدارة شؤونه، مما تسبب في الأزمة الحكومية التي تعيشها تونس إلى الآن. وعن رأيه في حكومة العريض التي ينتظر تشكيلها قال الشابي في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه لا يمكن الحكم عليها سلفا، وإنه ينتظر الأفعال لاتخاذ موقف منها، رغم أنه لم يخف أن فترة تولي العريض وزارة الداخلية أثارت كثيرا من التحفظات، رغم إشارته إلى أنه كان يفضل السير في مبادرة حمادي الجبالي وتوقع نجاحها. زعيم الحزب الجمهوري أبدى تفاؤله بإمكانية تنظيم انتخابات حرة ونزيهة قبل نهاية العام، مقللا من تعطل بعض التشريعات، ومؤكدا على ضرورة توفر مناخ أمني موات تغيب فيه مظاهر العنف والاعتداء على الاجتماعات الحزبية. وتمسك الشابي بضرورة حل روابط حماية الثورة، معتبرا إياها ميليشيات تهدد الخصوم السياسيين. وقال نجيب الشابي إنه لا يعتقد أن اغتيال بلعيد نفذته خلية دينية متشددة، مرجحا أن يقف وراءه جهاز منظم اعتبره عدوا متربصا بوحدة تونس وأمنها. وفيما يلي نص الحوار: * هل تعتقدون أن تشكيل حكومة علي العريض يمكن أن يمثل بداية حلا للأزمة السياسية التي تعيشها تونس منذ أشهر؟ - لو تشكلت حكومة حمادي الجبالي على أساس التوافقات التي برزت خلال المشاورات التي تم إجراؤها مع الأحزاب السياسية، لأمكن القول إنها تمثل بداية الحل؛ إذ وقع الاتفاق على أن تكون مزيجا من التكنوقراط والسياسيين، وأن ينصرف الوزراء إلى العمل الحكومي دون الحزبي، وأن تكون الحكومة محدودة العدد، وأن تسند وزارات السيادة الثلاث إلى شخصيات وطنية وكفؤة. ومن مقومات ذلك الوفاق الرصيد الذي تحصل عليه حمادي الجبالي غداة اغتيال شكري بلعيد يوم 6 فبراير (شباط) الماضي. أما علي العريض الذي كلف بتشكيل الحكومة بعد استقالة الجبالي فهو وزير الداخلية منذ انتخابات 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وقد أثارت إدارته للوزارة كثيرا من التحفظات لدى الرأي العام في الداخل والخارج، ونحن لا يمكن أن نحكم سلفا على ما سيقوم به، لكن عندنا في الجمهورية مسألتين حيويتين تهمان تحديد موعد نهائي للانتخابات يكون قبل نهاية سنة 2013، وإسناد وزارتي العدل والداخلية إلى شخصيتين وطنيتين مستقلتين تحظيان بثقة وتوافق مكونات الساحة السياسية والمجتمع المدني. إن ما تتطلبه تونس اليوم هو إنهاء المرحلة الانتقالية بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في مناخ آمن، إلى جانب ما يمكن أن تقوم به الحكومة في ميدان مقاومة غلاء المعيشة ومقاومة البطالة خلال الأشهر القليلة من عمرها. * يعني أن الحكومة إذا طبقت هذه الوصفة يمكن لها النجاح؟ - قلت إنني لا أحكم على حكومة علي العريض سلفا، وإننا ننتظر الأفعال لاتخاذ موقف منها، نحن لن نكتفي بتغيير صوري على رأس وزارات السيادة، بل يجب أن تكون الشخصيات معروفة وتحظى برصيد من الثقة لدى المجتمع المدني والأحزاب السياسية * قلتم إن إحدى أولوياتكم تنظيم انتخابات قبل نهاية العام الحالي، فهل تعتقدون أن ذلك ممكن في ظل عدم تقديم تاريخ لإنهاء صياغة الدستور، وعدم تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وعدم الشروع في مناقشة القانون الانتخابي والاتفاق حول النظام الانتخابي؟ هل يمكن فعل كل هذا خلال الفترة المقبلة، خاصة أن البلاد لم تعرف مناخا يشجع على إجراء انتخابات حرة ونزيهة؟ - بكل تأكيد يمكننا أن ننظم انتخابات قبل نهاية العام، ذلك أن المجلس التأسيسي فرغ منذ فترة من إعداد مسودة الدستور، وهي مسودة توافقية وتستجيب لحاجيات البلاد في إرساء نظام عصري يقوم على الفصل بين السلطات وضمان الحريات، وتبقى المسألة الوحيدة العالقة تهم النظام السياسي وهل سيكون رئاسيا أم برلمانيا أم مزيجا من الاثنين، والاتجاه الآن هو نظام رئاسي معدل، وقد حصل توافق حول انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، وبقي الخلاف يدور حول صلاحياته، وهو خلاف محدود وقابل للتجاوز. ومن جهة أخرى وضع المجلس التأسيسي قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، وهو يضمن حيادها واستقلاليتها، وتم فتح باب الترشيح لعضويتها، ولم يبق غير التصويت على القانون الانتخابي، ويوجد توافق على نظام النسبية الذي تم اعتماده خلال الانتخابات الماضية. لكن الأهم من كل هذه الجوانب التشريعية هو المناخ الأمني، إذ لا يمكن إجراء انتخابات إذا كان أمن الشخصيات مهددا والاجتماعات العامة الحزبية عرضة للاعتداء من قبل المتطرفين أو الميليشيات التي وقع بعثها للخصوم السياسيين. ولهذه الأسباب حرصنا على أن تكون وزارتا العدل والداخلية بأياد أمينة تضمن الأمن والحرية بين الجميع دون أي نوع من التمييز * ولهذه الأسباب أجمعت الأحزاب خلال المشاورات مع الجبالي ومع العريض على ضرورة حل ميليشيات ما يسمى بروابط حماية الثورة؟ - المنظمات أو الجمعيات التي تقوم على استعمال العنف للتصدي للخصوم السياسيين ليست شرعية، ولا تمت للمجتمع المدني بصلة، وإنما هي ميليشيات تهدد الأمن العام وتحمل بذرة الفرقة والاستبداد، لذلك أجمع الرأي العام من أحزاب ومنظمات مدنية، ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي تعرض مقره الرئيسي إلى الاعتداء من قبل هذه الميليشيات، على ضرورة حل ما يسمى بروابط حماية الثورة. وأعتقد أن هذه المسألة يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة المقبلة، وتحديدا وزيري العدل والداخلية، وسيكون حكمنا على الحكومة المقبلة مبنيا على ما قد تتخذه من إجراءات في هذا المجال، علما بأن حمادي الجبالي قد وضع حل هذه الروابط ضمن برنامج الحكومة التي كان ينوي تشكيلها. * تونس تجاوزت مرحلة العنف لتلج مرحلة الاغتيال، فهل أنتم مقتنعون برواية وزارة الداخلية التي أكدت أن اغتيال شكري بلعيد قامت به عناصر من تيار ديني متشدد يعرف بتونس باسم السلفية الجهادية؟ وهل ترون أن هناك جهات أخرى تتحمل مسؤولية هذه الجريمة؟ - لست أدري من هي الجهة المسؤولة مباشرة عن اغتيال المناضل الوطني شكري بلعيد، لكن معرفة هذه الجهة ضرورية من أجل إقامة العدل وتعقب المجرمين والتعويض لعائلة الفقيد. غير أن التونسيين حريصون على كشف الجهة السياسية التي خططت ومولت وجهزت من قام بهذه الفعلة الشنيعة. وقد ثبت من خلال وزير الداخلية أن الشهيد وقع ترصده خلال أيام متعددة، وأنه استعملت في عملية الرصد سيارات ووسائل أخرى متعددة، وكلها مؤشرات تدل على أن التنفيذ تم بحرفية إجرامية عالية.. الأمر الذي يدفع إلى الاعتقاد بأن الجريمة لم تكن من فعل خلية من خلايا التنظيمات المتشددة أو عمل هواة، بل تمت من قبل جهاز خطط لها ووفر لها كل وسائل الإنجاز، ما يعني أن اغتيال الشهيد ليس سوى حلقة من سلسلة تدبر ضد أمن التونسيين وترمي إلى الإيقاع بهم في أتون الفتنة والعنف الأهلي، لذلك ينتظر التونسيون مزيدا من المعلومات حتى يقع تفكيك هذه الجهة الإجرامية فيطمئنوا على بلادهم وعلى مستقبل أبنائهم. * وهل ترجحون أن يكون هذا الجهاز من الداخل أو من الخارج؟ - كل الاحتمالات واردة في هذا المجال. والأكيد أنها من فعل عدو متربص بوحدة هذا البلد وأمنه. * كنتم وحزب النهضة رفقاء نضال ضد العهد الاستبدادي لكن فترة ما بعد الثورة فرقتكم، فهل أخطأت النهضة لما قبلت الحكم وقياداتها خارجة من السجن أو عائدة من المنافي، في حين كان عليها معرفة التحولات التي عاشها الشعب التونسي والتعرف على آليات عمل الإدارة ومؤسسات الدولة؟ - النهضة مسؤولة عن خياراتها، في المغرب الأقصى كانت التجربة مغايرة؛ إذ اختار الإسلاميون التدرج في ممارسة شؤون الحكم، فتدرج حجمهم في البرلمان كما تدرجت مشاركتهم في المجالس البلدية قبل أن يصلوا مؤخرا إلى تشكيل الحكومة. لكن الثورة في تونس فاجأت الجميع، بما فيها النهضة، إذ أحدثت فراغا في الحكم، وهو ما جعلها (أي النهضة) تختار منذ الوهلة الأولى التنافس من أجل ملء هذا الفراغ، وخرجت من الانتخابات بوصفها الحزب المتحصل على أكبر عدد من مقاعد المجلس التأسيسي، دون أن تكون حزبا أغلبيا، وتمكنت من أخذ الحكم عن طريق تشكيل ائتلاف مع حزبي المؤتمر والتكتل العلمانيين، غير أن هذا الائتلاف لم يكن مهيأ للحكم ولم ينجح في إدارة شؤونه، ما آل إلى الأزمة الحكومية المفتوحة التي نعيشها اليوم. ونحن نعتقد أن البلاد تحتاج راهنا وفاقا وطنيا جديدا يقوم على الحقائق السياسية لسنة 2013، وليس على معطيات 2011، وهو توافق ضروري للنأي ببلادنا عن أتون العنف الأهلي، ولاستكمال ما تبقى من هذه المرحلة الانتقالية، ولوضع البلاد على سكة الانتقال إلى الديمقراطية في أفق 2013. وكان بالإمكان أن يقوم مع حمادي الجبالي الذي وعى بضروراته القصوى، ونحن ننتظر تشكيل حكومة العريض لنحكم لها أو عليها من هذا المنظار. وسنبقى من جهتنا إلى تحقيق هذا الوفاق الذي لا يقوم على ترضية الأحزاب السياسية بعضها لبعض، بل على الاستجابة لحاجيات الانتقال الديمقراطي ولانتظارات التونسيين من الثورة؛ أي التشغيل والعدل في التنمية بين الجهات، فضلا عن تحقيق الأمن ومقاومة غلاء المعيشة، وهما قضيتان مستجدتان بعد الثورة. * لاحظنا أن حوارات ومشاورات السياسيين تكاد تنحصر في إدارة الحكم في ظل غياب كامل للحديث عن الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد، والتي تهدد، حسب بعض الخبراء، بما حدث في اليونان. - المسألة الاقتصادية كانت تتصدر أولويات العمل السياسي، غير أن نتائج انتخابات 23 أكتوبر 2011 لم تكن عاملا محفزا للاستثمار من قبل الفاعلين الاقتصاديين المحليين والأجانب، وزاد غياب البرنامج الاقتصادي لدى الفريق الحاكم وضعف خبرته في الإدارة الطين بلة. ومنذ مايو (أيار) 2012 خفضت مؤسسة «ستاندارد آند بورز» من الترقيم السيادي لتونس، وبررت ذلك بعجز الحكومة الحالية عن الاستجابة لحاجيات تطوير الاقتصاد لتسير بقية وكالات التصنيف على منوالها فيما بعد، غير أن الأحداث دفعت بالمسألة الأمنية إلى أعلى هرم الأولويات، ذلك أنه لا استثمار ولا سياحة ولا تنمية دون عودة الأمن وعودة الصورة الخارجية كبلد آمن ومنفتح ومعتدل. اليوم كثير من المستثمرين التونسيين يتوجهون إلى المغرب وغيره للاستثمار به، فما بالك بالمستثمرين الأجانب؟ وأعتقد أن عودة الأمن والشعور بالاطمئنان على مستقبل البلاد يمثلان شرط عودة النشاط الاقتصادي للبلد، لكن الحيز الزمني المتاح للحكومة المنتظرة لن يكون بكل المقاييس كافيا لدفع الاستثمار والنهوض بالاقتصاد، وهو ما سيجعل هذه الحكومة حكومة تصريف أعمال تعمل على إرجاع الأمن ومقاومة ظاهرتي البطالة وغلاء المعيشة، وهو أقصى ما يمكنها القيام به. وأؤكد أن الأحزاب، وفي طليعتها حزبنا، تملك تصورا للتنمية الاقتصادية، وبإمكانها تعبئة الكفاءات والكوادر التي تزخر بها الإدارة التونسية، ويمكن أن تضع بلادنا على سكة الازدهار الاقتصادي والعدل الاجتماعي، لكن قبل ذلك لا بد من تحقيق مناخ آمن وموات للنشاط الاقتصادي. * أسس حزبكم مع نداء تونس والمسار والحزب الاشتراكي وحزب العمل الوطني الديمقراطي تحالفا أطلقتم عليه اسم «الاتحاد من أجل تونس».. فهل سيكون تحالفا سياسيا أو انتخابيا؟ وهل ستدخلون الانتخابات المقبلة بقائمات موحدة ومرشح وحيد للرئاسة؟ - ينص إعلان التأسيس على أن التحالف سياسي وانتخابي معا، غير أنه لم تتضح الصيغ التي سيتخذها التحالف الانتخابي وهل سيكون عبر قائمات موحدة أو مشتركة وبمرشح وحيد للرئاسة، وهي مسائل لم يقع تناولها بعد، لكنها ستطرح على طاولة الحوار قريبا بكل تأكيد
النهضة تعلن تخليها عن الوزارات السيادية في الحكومة التونسية القادمة
قررت حركة النهضة الإسلامية في تونس التخلي عن الوزارات السيادية في الحكومة التونسية القادمة. وأعلن زعيم حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي يوم 27 فبراير/شباط ان "الحركة تخلت عن الوزارات السيادية في الحكومة التونسية التي يجري تشكيلها وتم التوافق على ان يشغلها مستقلون، في قبول لمطلب اساسي للطبقة السياسية". وقال الغنوشي وافقنا على "تحييد وزارات السيادة الاربع بما فيها الداخلية التي ستتولى مقاليدها شخصية من خارج الاحزاب"، موضحا ان الحكومة الجديدة ستعلن "في نهاية الاسبوع". وكان علي العريض رئيس الوزراء التونسي الجديد أعلن يوم 22 فبراير/شباط انه سيبدأ مشاورات لتشكيل حكومة جديدة "ستكون حكومة كل التونسيين". ودعا العريض التونسيين إلى العمل معا لتحقيق اهداف الثورة. واختارت حركة النهضة الاسلامية، وهي أكبر حركة في البرلمان، وزير الداخلية في الحكومة السابقة علي العريض، وهو من الجناح المتشدد في الحركة الاسلامية، لشغل منصب رئيس الوزراء خلفا لحمادي الجبالي. محلل سياسي تونسي: على "النهضة" الابتعاد عن الأسماء القريبة من الحركة قال عادل الحاج سالم الإعلامي والمحلل السياسي في مداخلة هاتفية على قناة "روسيا اليوم" من تونس العاصمة إن قرار تحييد الوزارات السيادية في حكومة العريض يعود إلى سببين، أولهما الأداء الفاشل للوزراء المتحزبين في حكومة "الترويكا"، وثانيهما اشتراط طرفين أساسيين من المشاركين في الحكم تحييد الوزارات السيادية، لاسيما وزارتي الداخلية والعدل. وأضاف أنه إذا أرادت "النهضة" فعلا أن ترضي شركاءها في الحكم، فعليها أن تبتعد عن الأسماء المتداولة التي لها شبهة في قربها من الحركة
رسمي: تكليف وزير الداخلية علي العريض بتشكيل الحكومة الجديدة
كلف الرئيس منصف المرزوقي الجمعة وزير الداخلية علي العريض بتشكيل الحكومة الجديدة. وكانت حركة النهضة قد أعلنت الجمعة ترشيحه العريض لرئاسة الحكومة خلفا لحمادي الجبالي الذي استقال منذ أيام. وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد التقى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي صباح اليوم الجمعة لاعلامه باختيار الحركة علي العريض مرشحا لتولي منصب رئاسة الحكومة
نور الدين البحيري: النهضة ستتخلّى عن وزارتي الخارجية والعدل
أكّد القيادي في حركة النهضة ووزير العدل نور الدين البحيري في برنامج ميدي شو اليوم الخميس أنّ الحركة قبلت بتحييد وزارتي العدل والخارجيّة لإنهاء الشكوك ولتوسيع دائرة التوافقات لمصلحة البلاد وإنهاء حملات التراشق بالتهم، قائلا إنّه مستعدّ للتخلّي عن وزارة العدل لتجاوز الخلافات. وأوضح البحيري أنّه لا يمكن إدخال تحوير على وزارة الداخليّة لأنّ تونس لا تتحمل حدوث نوع من الإرباك في هذه الفترة وتغيير وزير الداخليّة لن يخدم مصلحة البلاد وسيتسبب في مزيد تعطيل المسار الديمقراطي على حدّ تعبيره. وقال وزير العدل إنّ وزارته لا تحتاج الى وزير لان دوره إداري أكثر منه تنفيذي عكس وزارة الداخلية التي قد يتسبّب تحويرها في تغيير سياسة الوزارة ويربك القوات المنضوية تحتها. واعتبر نور الدين البحيري أنّ وزارة الداخلية تقوم بواجبها على أحسن وجه وعمليات حجز السلاح الاخيرة تثبت ان الجهاز الامني جاهز، قائلا إنّ حادثة اغتيال أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد استثنائيّة والابحاث تتقدم لكشف الجناة ومحاسبتهم
العريض والمكي لخلافة الجبالي؟
قال عبد الحميد الجلاصي الناطق الرسمي لحركة النهضة ان الحركة متمسكة بإعادة ترشيح أمينها العام حمادي الجبالي لمنصب رئاسة الحكومة مؤكدا ان فشل هذا الأخير ليست الا نهاية لمبادرة (حكومة كفاءات) وفتح لأفاق جديدة للمفاوضات تمهد لتشكيل حكومة ائتلافية تُؤَمِنُ ما تبقى من المرحلة الانتقالية مضيفا ان الأزمات السياسية هي جزء من الديمقراطية والحراك السياسي. وأكد الجلاصي ان حركة النهضة، في صورة رفض الجبالي إعادة تكليفه، أعدت قائمة من المرشحين قد يكون من بينهم وزير الداخلية علي لعريض ووزير الصحة عبد اللطيف المكي
عبد الرؤوف العيادي يقترح إدماج الجهاديين ضمن وزارة الدفاع من اجل حماية الوطن
اقترح القيادي في حركة وفاء عبد الرؤوف العيادي خلال اجتماع شعبي في القيروان أن يقع إدماج الجهاديين ضمن وزارة الدفاع من اجل حماية الوطن معتبرا أن الجهاد هو ثقافة إيجابية. كما طالب العيادي بمراجعة بعض المفاهيم ومنها مفهوم «الإرهاب» ومفهوم «الجهاد خلال الاجتماع الشعبي الذي نظّمته حركة وفاء فرع القيروان تحت عنوان «الديمقراطية وصراع المشاريع» وأشرف عليه العيادي بحضور أعضاء من الحركة ونواب من المجلس التأسيسي من بينهم آزاد بادي ونزار المخلوفي إلى جانب حضور إسكندر الرقيق من حزب الأمان الّذي التحق صحبة شق من حزبه الى حركة وفاء.