«ان القضاء التام على الإهاب يمثل أحد أولويات حكومتنا» هذا ما جاء على لسان رئيس الحكومة السيد المهدي جمعة خلال الندوة الصحفية التي عقدها أول أمس والتي خصصها للحديث عن عمل حكومته ومختلف المسائل المتعلقة بالشأن الوطني وفي هذا الإطار أعلن أنه سيتم بعث قطب خاص بالإرهاب، سيستكمل قبل موفى سنة 2014.
ليمثل هذا الإعلان النقطة التي تكاد تكون الوحيدة الجديدة فيما احتوته الندوة الصحفية. مادعانا إلى التساؤل ان جاء بعث هذا القطب المختص في الارهاب في الوقت المناسب؟ وما هي التصورات لتركيبته ومهامه؟.
في هذا الاطار أفادنا القيادي بالجبهة الشعبية حمدي أن هذا القطب كهيكل أو مؤسسة يبقى من حيث الاختصاصات والمشمولات والتركيبة غامضا. كما ان ما يهم الجبهة الشعبية هو مدى قدرة هذا الهيكل على إعطاء اجابة ضافية وشافية عن عمليات الاغتيال التي طالت الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وبقية العناصر الأمنية والكشف عن الجناه ومن ورائهم وتقديمهم للعدالة.
ليعتبر المتحدث ان أي إجراء يخدم الأمن القومي ويحمي المواطنين يمثل مسألة إيجابية بشرط ان يجنب هذا الهيكل البلاد جرائم الماضي ويضمن جهاز دولة محايد بعد فقدان الثقة في وزارة الداخلية.
مبادرة طيّبة ولكن....
أما الخبير الأمني مازن الشريف فأكّد على أن الإعلان عن بعث قطب مختص في الإرهاب جاء متأخرا، ولكن ان تمت محاولة بعثه قبل هذه الفترة لتعترض الى عراقيل لأسباب سياسية حتى لا يكشف الاخطاء السياسية والديبلوماسية التي ارتكبها قادة البلاد وسياسيها. وفي كل الحالات هذا القطب ضروري ويبعث متأخرا أحسن من عدم بعثه نهائيلا.
ورغم التحمّس لهذه المبادرة، تساءل المتحدث «فيم اذا كان هذا القطب قادرا على أخذ قرارات صارمة ويتجاوز الأطراف التي قد تسعى لتعطيله؟ لا سيما ان ملفّ الإرهاب ملف جدّ شائك وتتداخل فيه الجوانب السياسية والجمعياتية والمالية والتربوية والدينية والديبلوماسية. وحتى لا يتم تحييده عن مهمته لا بد ان يكون صارما ويتخذ قرارات بالصفة ذاتها وينفذها.
وتساءل الشريف أيضا «فيم اذا كان بإمكان هذا القطب ان يمنع أيّ كاان مهما كان نفوذه وموقعه من التدخل في ملف الارهاب ليتمكن من اخذ ما يراه الأصح من القرارات ليؤكد في هذا الصدد على ضرورة منع أي طرف ليست له دراية بهذا الملف ولا بخطورته على أمن البلاد بما في ذلك رئيس الجمهورية الذي تسبب في مدار عدة في التشويش على الاطراف المخوّل لها التدخل لا سيما الأمن والجيش.
وأعرب المتحدث عن تخوفه مما ينتظر البلاد من سيناريوهات أسوأ من السابقة، مما يتطلّب التعاطي بأكثر جدية مع ملف الارهاب بعيدا عن التسويف. ليضيف ان من قاموا بالعماليات الفارطة ما هم الا هواة، اما ما قد يحصل لاحقا من عمليات ارهابية في تونس قد يكون الضربة التي تقضم الظهور، اذا أننا أمام حرق فعلية مع الارهاب بسبب الخطر الداهم على بلادنا من التراب الليبي حيث عشش الارهابيون.
هذا ولضمان نجاعة القطب المختص في الارهاب أكد المتحدث على ضرورة انت يكون مكوّنا من خبراء جادين في عديد المجالات يكونون بالأساس ماحيدين ومستقلين وأكفاء في مجالات اختصاصهم، وذلك بناء على قاعدة انه في المعرك الكبرى يجب ان نختار الجنوب الافضل.
إطار تنسيقي ضروري
ومن جهته اعتبر محمد صالح الحدري رئيس حزب العدل والتنمية وعقيد أركان حرب متقاعد من الجيش الوطني ان الاعلان عن بعث قطب لمقاومة الارهاب على أهمية جاء متأخرا. علما وان هذا الاطار التنسيقي بين القوى المقاومة للارهاب ليس وليد فكرة رئيس الحكومة وانما هو فكرة طرحها خبراء في المسائل الأمنية من جيش وأمن حبذا لو تم تفعيلها من قبل.
وفي كل الحالات فان المرور من فكرة الدفاع الى المبادرة ضرورية اذ يجب ان يكون الضغط على الارهابيين متواصلا وتصاعديا في نسقه سواء في التضاريس الصعدة وذلك من مهام الجيش او في المدن وذلك بالتنسيق بين الشرطة والحرس والجيش قصد وضع هذه العناصر في وضعية دفاعية ومتنقلة تمكن من تشتيتها واضاعة معداتها وافقادها القدرة على التركيز لاعداد نفسها والحد من التواصل بينها. وذلك كله للحد من نجاعة عملياتها مما يؤدي في الأخير الى القضاء على العناصر الارهابية نهائيا.
هذا وأكد الحدري أنه على القطب المزمع بعثه ان يتجاوز التراب التونسي لمقاومة الارهاب، اذ ان الوضع يستوجب تدخله أيضا في الأراضي الليبية وتحديدا المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة هذا من الناحية العملياتية، اما استخباراتنا فيجب العمل على كامل التراب الليبي.
ويعلّل المتحدث ها الموقع بأن تونس لن تكون بمنأى عن خطر الارهاب ما دام هذا الأخير وعناصرة متوغلين في ليبيا ليبقا خطرا داهما ومحدقا ببلادنا وأمنها وسلامة شعبها. وهو ما يستوجب هدوء الأوضاع في التراتب الليبي، لنضمن زوال هذا الخطر في التراب التونسي.
وعبّر الحدري عن استغرابه من استهجان عديد الاطراف من صفقة اقتتناء عدد من الطائرات المروحية ليؤكد على أن حزبه وهو شخصيا كمختص في الأمن يطالب بالاسراع في إتمام هذه الصفقة لما لهذه الطائرات من أهمية للإعانة على السيطرة على التضاريس الصعبة وعلى الجبال على الحدو التونسية الجزائرية. ليخلص الى أنه من الضروري الذهاب في كل ما يمكن ان يخدم أمن البلاد، وأن الجانب الاستخابراتي والعمليات وكل جهود مؤسسات الدولة يجب ان تكون بتنسيق مؤسسة مركزية تتمثل في القطب الذي أعلن رئيس الحكومة عن بعثه وان كان بصفة متأخرة.
أكمل القراءة »