صحيح ان خطر الارهاب في تونس قد ارتبط منذ مدة بمنطقة الشعانبي والجبال الموجودة هناك لكن يبدو ان وجهة اعمال العنف والمخططات الارهابية قد انتقلت من الجبال نحو المدن والجهات الداخلية من سوسة الى سيدي بوزيد وغيرها.. فهل تغيرت خارطة طريق الارهاب في تونس ؟
"الشروق" حاولت معرفة وجهات الارهاب القادمة في تونس .. وملامح تغير خارطته والارتباط بين تطور العمليات الارهابية وتوسعه بالخلايا النائمة وذلك من خلال آراء قراءات لخبراء واستراتيجيين.
تحدث الخبراء عن توسع وتطور خارطة الارهاب وارتباط ذلك بترك عناصر انصار الشريعة تعمل في فترة دون مراقبة وسهولة تنقل القيادات واجتماعهم في ليبيا لتجهيز انفسهم والقيام بضربات إضافة الى التساهل مع بارونات التهريب وعدم الاهتمام بالعائدين من سوريا الذين كونوا دعما للخلايا النائمة واعتبر الخبراء ان المرحلة القادمة خطرة لا سيما مع تطور الاوضاع في ليبيا وهو ما قد ينبئ بتوقع ضربات على الحدود مع ليبيا او في اي مكان آخر قصد تشتيت جهد الأمنيين والعسكر وارباكهم. في المقابل تؤكد الجهات الحكومية قدرة الجيش والأمن على السيطرة على الوضع ووجود القوى اللازمة لكن مع ضرورة مشاركة المواطن في القضاء على الارهاب من خلال التبليغ وعدم التستر والسكوت عن الارهابيين. بين رئيس قسم الاستشراف ومكافحة الارهاب بالمركز التونسي لدراسات الأمن الشامل السيد مازن الشريف ان ما يحدث هو توسع لخارطة الارهاب في تونس وتطور في مراحل التنفيذ. واشار الى تطور الاستراتيجية من حرق للزوايا وحرق للغابات وصولا الى الاغتيالات السياسية واستهداف الأمنيين والعسكريين وكان قد حذر من تطور السيناريو الى السيارات المفخخة واستهداف الاماكن العامة للمدنيين.
واشار الى تعدد الاستراتيجيات بين معركة الجبال والصحراء برا والارهاب الجوي والارهاب البحري من
خلال قراصنة البحار مثل ما حدث في الصومال,
سرطان بلا عنوان
أكد الدكتور مازن الشريف ان الوجهات القادمة لخارطة الارهاب مفتوحة على كل الاحتمالات فبعد الشعانبي من الممكن ان يتم استهداف الأمنيين والعسكريين في اماكن اخرى كما يمكن استهداف المواطنين والمدنيين.
كما يمكن ان تتحول الضربات نحو الجزائر باعتبار ان للارهاب دائرة مفتوحة. وحذر محدثنا من خطورة المرحلة القادمة المرتبطة بما يحدث في ليبيا من حروب حيث يمكن ان يتحول السيناريو القادم الى اكثر من مرعب في صورة نجاح العمليات الارهابية في ليبيا وهو ما سينعكس سلبا على مصر والجزائر أيضا. ووصف الخبير في المسائل الارهابية مازن الشريف ما يحدث بانه مرتبط بمخطط دولي فليس المهم التسمية مثل داعش او انصار الشريعة او القاعدة او مجموعة جديدة تبرز باسم مختلف فكل هذه المجموعات تعمل بمخطط دولي مسبق وبأطراف تسيرها. وأشار الى ان خارطة الارهاب قد تتوسع بتوسع الخلايا النائمة التي يقدر عددها بـ400 خلية في العاصمة لكنها قد تصل الألف في كامل انحاء الجمهورية وهي بصدد التطور يوميا.. ووصف الارهاب في توسعه بالمرض الخبيث السرطان الذي لا يمكن التنبؤ بوجهته القادمة ومكان انفجاره. والمنذر بكارثة في صورة تواصل الغباء السياسي.
كلاسيكية الدفاع
اكد كاتب عام مركز دراسات الأمن الشامل السيد رفيق الشلي ان بروز الارهاب في اماكن مختلفة مثل سوسة وسيدي بوزيد وغيرها من الاماكن بعيدا عن الشعانبي هو امر متوقع. واشار الى توزع الخلايا النائمة في تونس على كل مكان وفي كامل انحاء الجمهورية وولاياتها. وتحدث عن ترك الجماعات التابعة لانصار الشريعة تعمل وتتحرك دون وعي كاف وتفاقم الوضع خاصة بعد توجه «أبو عياض» الى ليبيا ولقائه بقيادات الارهاب الاخرى التي اتجهت هناك. وأشار من جهة ثانية الى خطورة عدم تأطير العناصر الارهابية الموجودة في سوريا ومعرفة تحركاتهم ووجهاتهم وهذه العناصر جد خطيرة. وهناك حوالي 620 عنصرا عادوا من سوريا لكن العدد الاكبر عادوا بصورة غير شرعية. وقام عدد منهم بتدعيم صفوف الشعانبي وجبل ورغة وسمامة وغيرها وكل يعمل من جهته لاضعاف وارباك وتشتيت مجهود الأمن.
واشار السيد رفيق الشلي الى ان الاشكال هو ان الجيش يدافع بطريقة كلاسيكية من تمركز وكومومندوس وغيره وهي طريقة لا تتلاءم مع لا مركزية عمل الارهابيين وعدم التزامهم بمكان واحد وزئبقية تحركاتهم.
واشار الى خطورة الوضع خاصة مع اكتشاف معلومات من الخلايا التي وقع تفكيكها في الساحل وسيدي بوزيد والتي تتحدث عن وجود برامج لتفجيرات بالمحطات وتلغيم سيارات وهم كانوا في انتظار التعليمات.
وقال ان التوسع في خارطة الارهاب امر كان متوقعا خاصة مع تأخر وضع خلية ازمة واتخاذ الاجراءات اللازمة والقرارات الجريئة.
كما ربط محدثنا مسالة توسع الارهاب بالتهريب وتواصل عمل باروناته حسب تعبيره وهي مسالة لم تتطرق لها خلية الازمة حسب رأيه.
حذار من الزنتان
حذر مدير الأمن السابق السيد رفيق الشلي من تفاقم الوضع وتأجج العمليات الارهابية وتصاعدها في كل مكان في صورة وقع اسوا السيناريوهات وهو وقوع منطقة الزنتان القريبة من الحدود التونسية في قبضة الارهابيين وهو ما يطرح فرضية وضع الجنوب كامارة يحتلها التكفيريون لا سيما مع تشتت جهود الأمن والعسكر. واكد على ضرورة التنسيق الدولي من اجل مكافحة الارهاب.
وتتوزع الخلايا النائمة في كل مكان من تونس ومنها خلايا في الاحياء الشعبية. ويذكر ان اكبر عدد من الذين تمّ تجنيدهم للحرب في سوريا هم من ولاية مدنين في مرتبة اولى ثم من الشمال الغربي. ويستغل التكفيريون لزرع جذورهم وتوسيع رقعتهم الفقر والبطالة ونقص التنمية، كما يتواجد عدد كبير من الخلايا النائمة في القيروان
.
وقال السيد رفيق الشلي ان الحكومة قد اتخذت قرارا صائبا برفض تجمع انصار الشريعة في القيروان في ماي 2013 حيث وبعد ان تجمع حوالي 5 الاف في 2012 كان من المزمع في السنة الموالية جمع 50 الف من انصار الشريعة في القيروان وتحويلها الى امارة اسلامية. وحذر محدثنا من ان سيناريو وخارطة الارهابيين في الوقت الحالي هو تتبع خطوات سيناريو العشرية السوداء في الجزائر من حواجز وتفخيخ واغتيالات واستهداف لاماكن عامة وتلغيم السيارات.
صناعة وتخاذل
كان رئيس مركز دراسات الأمن الشامل السيد نصر بن سلطانة قد اكد ان الارهاب قد تحول الى صناعة وهو يرتبط بمنطقة كاملة ومشروع اجنبي. وربط بين صناعة الارهاب وتطوره واتساع مجالاته بتخاذل حكومة الترويكا معه وعدم اتخاذها للقرارات اللازمة في إبّانها. من جهته اكد العميد الهادي القلي عضو جمعية انصاف لقدماء العسكريين ان توسع خارطة الارهاب في تونس مرتبطة بتوسع وانتشار التهريب في كامل تراب الجمهورية. ولاحظ ان للارهاب عناصر منعزلة يمكن ان تعمل في كل مكان وطالب المواطن بالتمتع بالوعي والحس الأمني وحب الوطن للتبليغ عن كل مساهم في الارهاب والتبليغ عن كل عنصر يتم الشك فيه.
وأكد ان للجيش والأمن القدرات لمقاومة الارهاب اذا ما توفرت الظروف ولم يقع التشكيك في جهوده وضرب معنوياته وارباكه وانه من المهم ان يترك ليعمل.