أنهى البرلمان التونسي الجدل حول صندوق «الكرامة» الخاص بتعويض ضحايا النظام السابق في إطار قانون العدالة الانتقالية، حيث رفض مقترحاً مقدماً من حزب نداء تونس لحذف الفقرة الخاصة به في قانون المالية لعام 2019، وهو ما اعتبره البعض انتصاراً لمسار العدالة الانتقالية.
وكان البرلمان رفض مقترحاً تقدم به «النداء» ويقضي بإضافة فقرة للفصل العاشر من القانون تنص على «يحذف الحساب الخاص والمسمى’ صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد’ المحدث بمقتضى الفصل 93 من القانون عدد 54 لسنة 2013، وتحويل بقايا موارده إلى ميزانية الدولة وتخصّص لتمويل برنامج العائلات المعوزة». حيث وافق على المقترح 32 نائباً، فيما رفضه 57 نائباً مع احتفاظ 44 آخرين بأصواتهم.
وقال منجي الحرباوي، النائب عن كتلة نداء تونس، إن الكتلة ستلجأ للقضاء لإيقاف العمل بصندوق الكرامة، معتبراً أن «صندوق الكرامة أحدث بمقتضى قانون المالية لسنة 2014 المصادق عليه في 31 ديسمبر 2013 وهو أحد أعمال المجلس التأسيسي، وجاء مخالفاً للتشريعات المنصوص عليها في القانون الأساسي للميزانية».
كما وصف فاضل بن عمران، النائب عن الكتلة ذاتها، صندوق الكرامة بأنه «غير دستوري»، مضيفاً: «من غير المعقول أن تضبط موارد الصندوق بأمر حكومي». كما طالب بـ«مراجعة القانون الأساسي للعدالة الانتقالية والعودة به إلى ما قبل سنة 1955 وعرضه على استفتاء شعبي»، مشيراً إلى أن «جبر الأضرار المادية سيتحملها الشعب في ظل غلاء المعيشة وتدهور سعر صرف الدينار وارتفاع نسبة البطالة».
فيما اعتبرت يمينة الزغلامي، النائبة عن حركة النهضة، أن مقترح نداء تونس المتعلق بسحب صندوق الكرامة وتحويل موارده لصالح العائلات المعوزة هو «محاولة للإرباك السياسي»، مشيرة إلى أنه «تم إسقاط المقترح لأنه غير دستوري وغير قانوني».
فيما اعتبر علي العريّض، النائب والقيادي في الحركة، أن «الصندوق جاء في قانون العدالة الانتقالية لجبر الضرر وليس لتعويض النضال، (وهو) من أجل إعادة تأهيل وتمكين هذه الفئات المتضررة من الاستبداد وإعطاء مورد رزق لهم»، مشيراً إلى أن «عدد الذين تعرضوا لمظالم في الفترة المتراوحة بين 1956 و2013 بلغ عددهم حسب هيئة الحقيقة والكرامة 62 ألف شخص، والمشمولون بالتعويض يُقدّر عددهم بـ 10 آلاف شخص».
واعتبر حمّة الهمّامي، الناطق باسم الجبهة الشعبية، أن الضجة المُثارة حول صندوق الكرامة وجبر الضرر «مفتعلة ومقصودة من قبل العديد من رموز النظام السابق الذي عادوا إلى صدارة المشهد السياسي ويخشون الكشف عن جرائمهم وتحمل مسؤولياتهم»، مشيراً إلى أن هذا الصندوق «ليس تعويضاً عن النضال السياسي وإنما هو حق من حقوق جبر الضرر لآلاف من المواطنين العاديين الذين تضرروا في العهد السابق جسدياً واقتصادياً واجتماعياً».
كما وصف النائب حسونة الناصفي (مشروع تونس) الجدل القائم حول هذه الموضوع «بالشعوذة القانونية»، مشيراً إلى أن «تطبيق هذا الفصل وصرف الاعتمادات غير ممكن، لا بموجب قانون المالية لسنة 2019 أو غيره».
فيما أكد وزير المالية، رضا شلغوم، أن التعويضات التي ستقدمها الدولة في إطار صندوق الكرامة لرد الاعتبار لضحايا الاستبداد لا تتجاوز 10 مليون دينار (3.5 مليون دولار)، مفنداً بذلك ما روّجت له بعض وسائل الإعلام حول وصول التعويضات إلى حوالي نصف مليار دينار.
يذكر أن رئاسة الحكومة أصدرت في وقت سابق أمراً حكومياً يتعلق بـ»ضبط طرق تنظيم صندوق الكرامة وردّ الاعتبار لضحايا الاستبداد وتسييره وتمويله»، تطبيقاً لأحكام الفصل 41 من القانون الأساسي للعدالة الانتقالية.
وينص الأمر في فصله الثالث على رصد «اعتمادات من ميزانية الدولة عند فتح الصندوق في حدود 10 مليون دينار»، وتتكون موارده من نسبة من الأموال الراجعة لميزانية الدولة والمتأتية من تنفيذ القرارات التحكيمية الصادرة عن لجنة التحكيم والمصالحة، وتُضبط ھذه النسبة، بقرار من رئيس الحكومة، من الھبات والتبرعات والعطايا غير المشروطة، وكل المصادر الأخرى التي يمكن رصدھا لفائدة الصندوق طبقاً للتشاريع الجاري بھا العمل. (الفصل الثاني).
This is only an excerpt. You can read the full article on القدس العربي