الأربعاء , 29 مارس 2023
الرئيسية / مقالات / «الشروق» تفتح ملف الهجرة السرية:«مافيا» دولية تهرّب «الحرّاقة».. وتتاجر بأعضائهم

«الشروق» تفتح ملف الهجرة السرية:«مافيا» دولية تهرّب «الحرّاقة».. وتتاجر بأعضائهم

تمكّنت خلية الأزمة التي شكلتها قيادة الأمن الجزائري من تفكيك 10 شبكات خطيرة تحترف تهريب البشر سرًّا الى أوروبا عبر قوارب الموت بطريق البحر، مع فتح تحقيقات أمنية موسعة باستغلال معلومات أدلى بها الموقوفون بشأن تورط شبكة دولية يقودها مغاربة وأوروبيون من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، بحسب إفادات مصادر مطلعة لـ«الشروق».

شبكات أوروبية تدفع أموالا طائلة لتجنيـــد المهاجريــــن في تنظيمات ارهابية 

وذكرت المصادر أن عددا من الموقوفين بتهمة تهريب مهاجرين غير شرعيين إلى الخارج والاتجار بالبشر، قد كشفوا لفريق المحققين وجود اتصال مع تنظيمات أجنبية تُغري الشباب مفتولي العضلات بالمال لتهريبهم ثم استغلالهم في خلايا إجرامية على طريقة المافيا الإيطالية، ومن ثمة تنفيذ عمليات تصل حتى القتل والسلب والسطو المسلح. وتابعت المصادر أنّ هؤلاء يستهدفون المهاجرين بشوارع أوروبا. ومنهم من يتعرض الى سرقة أعضائه ثم تركه يصارع تداعيات ذلك وحيدًا ودون تقديم أية مساعدة.

ولم تستبعد التحريات الأمنية تورط شبكات الهجرة السرية في تجنيد إرهابيين جددا بتنظيمات مسلحة، بعد تسجيل اختفاء مجموعة من الجزائريين غادروا التراب الوطني قبل سنتين إلى سواحل إسبانيا، دون أن يظهر عليهم أي خبر أو يتبين لهم اتصال بذويهم.

وفي سياق آخر، كشف مسؤول أمني رفيع عن توجس السلطات الجزائرية من تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية خلال الأشهر الأخيرة من السنة الفارطة وخاصة هجرة عائلات بأكملها في «قوارب الموت». إنها ظاهرة خطيرة تستدعي تجند الجميع من أجل مكافحتها. وأشار نواصري صالح في عرض إعلامي لحصيلة نشاطات الأمن الوطني، إلى أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية قد «أخذت أبعادا مرعبة خاصة مع ركوب عائلات بأكملها البحر من أجل الوصول إلى الضفة الأخرى و تسجيل العديد من الحوادث التي أودت خلال الأيام الأخيرة بحياة عدة أشخاص فيما لا تزال فتاة صغيرة في عداد المفقودين»، مفيدًا أن المصالح الأمنية قد رفعت أقصى درجات الحيطة والحذر لترصد الراغبين في التسلل بقوارب البحر إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط.

ورصدت قوات الأمن استغلالا إجراميا لورشات صنع قوارب الصيد البحري، في تنظيم رحلات مستمرة للهجرة السرية وخاصة بسواحل الغرب القريبة من إسبانيا وسواحل الشرق الجزائري غير البعيدة عن إيطاليا. وقد تم حجز معدات كبيرة كان يجري استخدامها لإطلاق رحلات جديدة صوب القارة الأوروبية.

وذكر المفتش الشرطي صالح نواصري أنه بعد تضييق الخناق عليهم «قام المهربون بتغيير طرقهم أيضا عبر تغيير وسيلة تنقلهم. إذ أصبحوا يختارون القوارب المطاطية السهلة التحرك التي يمكن وضع محرك لها في أي وقت إلا أن هذه الوسيلة تتعرض بسهولة إلى الانقلاب وتعرض مستعمليها إلى خطر الغرق».

وكشف تقرير منظمة الهلال الأحمر الجزائري أن ما يزيد على 300 شخص أقلعوا على متن قوارب الهجرة السرية عشية رأس السنة الميلادية 2018، صوب السواحل الإيطالية، مع تسجيل نحو 3 آلاف جزائري حاولوا التسلل بطريق البحر نحو الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط في العام الماضي.

وقال خبراء وحقوقيون إنه من واجب الحكومة الجزائرية النظر في أسباب فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعتمدة في البلاد، والنظر في أسباب إقصاء الشباب من العمل السياسي، وانتشار الفساد واحتكار الثروة في يد فئة لا تتجاوز 10 في المائة من السكان. وهي من أبرز مسببات وقوع المهاجرين السريين في شباك الشبكات التي تتاجر بالأعضاء البشرية والتطرف».

كما تشهد الجزائر هجرة عكسية يقودها أفارقة فارون من بؤر التوتر والاضطرابات السياسية والأمنية في بلدانهم. لكنهم يثيرون التوجس من إمكانية تجنيدهم في شبكات إجرامية وتنظيمات إرهابية. حيث فرضت السلطات إجراءات مشددة على تنقلاتهم بين المدن والولايات الجزائرية، وإخضاعهم لمراقبة أمنية دائمة.

وفي سياق متصل زودت السلطات الجزائرية نظيرتها التونسية بتقارير استخباراتية حول نشاط شبكات تختص بالاتجار بالبشر. وتستغل الوضع المضطرب في الجارة ليبيا، لتجنيد آلاف «الحراقة» في تنظيم “داعش” الإرهابي، ضمن خطط غريبة تدفع بهذا التنظيم المنهار بشكل فجائي في سوريا والعراق نحو شمال إفريقيا والساحل جنوب الصحراء.

وقالت مصادر جزائرية مطلعة لـ»الشروق» إن وزير الخارجية الجزائري أبلغ نظيره خميس الجهيناوي بحزمة مقترحات لمواجهة الوضع المتدهور في ليبيا، انطلاقا من مدخل التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي أضحت –بحسب مساهل- تشكل تهديدا جديدا وتؤثر على مساعي حلحلة الأزمة الليبية، بشكل قد ينسف كل الجهود المبذولة في هذا المجال. وذكر مساهل أن بلاده رصدت «بالفعل تحركات مشبوهة لشبكات إجرامية تحاول توظيف المهاجرين السريين في ضرب استقرار المنطقة في غياب مؤسسات قوية قادرة على شل هذه الشبكات المتحالفة مع الإرهاب وتهريب السلاح». وجزم الوزير الجزائري بوجود «ممارسات مخزية إزاء أشخاص أبرياء وعزل تستغله شبكات الهجرة غير الشرعية في ليبيا»، بينما تنظر الجزائر بعين الريبة والشك الى دور فرنسي «مشبوه» في ليبيا يتعلق باتفاق ترعاه باريس بين رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج وقائد الجيش المشير خليفة حفتر.ويخص تنفيذ مشروع فرنسي يقضي بإنشاء منطقة خاصة في ليبيا لاحتضان اللاجئين والمهاجرين الأفارقة رغم رفض الجزائر وتونس لمخطط إغراق المنطقة بمهاجرين يتحولون مع مرور الوقت إلى «حقل ألغام» في جوار البلدين اللذين تتناغم تصوراتهما المشتركة للوضع المتأزم قرب حدودهما.

وعلى صعيد آخر، تتهم الحكومة الجزائرية باعتبار الجزائر أكبر بلدان المنطقة، الاتحاد الأوروبي صراحة، بتبني سياسة «عرجاء» تسببت في إغراقها بجحافل المهاجرين السريين الذين أصبحوا يشكلون «عبءا ثقيلاً على كاهلها وتحديًا كبيرًا لها»، على خلفية «القيود التي فرضتها الدول الأوروبية أمام حرية التنقل والهجرة الشرعية، في ظل نشوب أزمات سياسية ونزاعات مسلحة نتيجة التدخلات في شؤونها الداخلية وانتهاك سيادتها وعرقلة عجلة تنميتها». وذكرت ورقة قدمتها حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الاتحاد الأوروبي حول المهاجرين واللاجئين والنازحين، أن القارة الأوروبية تتحمل مسؤولية كبيرة في انتشار شبكات تهريب البشر عبر تقديم تسهيلات خاصة بتنقل مجموعات مشبوهة ومعروفة بنشاطها الإجرامي وعلاقاتها بعصابات محل ملاحقة أمنية في البلدان المغاربية. ودعت الورقة التي رفعها في وقت سابق وزير العدل الجزائري الطيب لوح باسم رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة، إلى اعتماد المقاربة الشاملة لإشكالية الهجرة القائمة بحسبه على «معالجة الأسباب الجذرية, المتعلقة أساسا بضعف التنمية والفقر والبطالة والأزمات السياسية والنزاعات المسلحة والإرهاب». وتم اعتبار أن ذلك كفيل بضبط تدفقات الهجرة وتنظيمها, بهدف «الاستفادة من آثارها الايجابية والتصدي لنتائجها السلبية على مختلف المستويات لاسيما عن طريق مكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص في إطار احترام كرامة وحماية حقوق ضحايا هذه الشبكات». كما استعجلت الورقة «مقاربة شاملة لمواجهة هذه الظاهرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أسبابها العميقة وعلى رأسها مستوى التنمية في الدول، وحالة الأمن والاستقرار السياسي في الدول المعنية».

«الحرقة» في أرقام

ـ يقدر عدد المهاجرين في العالم بـ258 مليونا يشكلون 3.4 في المائة من التعداد السكاني العالمي.
ـ وصل 21 ألفا و700 شخص إلى إيطاليا عن طريق البحر بين شهري جويلية وسبتمبر الماضيين.
ـ عدد المهاجرين الذين لقوا مصرعهم في البحر المتوسط العام الحالي وصل إلى 246 شخصا.
ـ عدد الواصلين إلى الشواطئ الأوروبية بلغ 6 آلاف و624 شخصا.

This is only an excerpt. You can read the full article on الشروق

شاهد أيضاً

آخر مستجدات المفاوضات مع صندوق النقد الدولي

قال الخبير الاقتصادي بسام النيفر في تصريح لموزاييك الاثنين 10 اكتوبر 2022 أن مفاوضات الحكومة …