أكثر من 25 ألف تونسي جازفوا بحياتهم في عملية هجرة سرية أو «الحرقة» خلال الخمس سنوات الأخيرة، لأسباب مختلفة. ومازالت السلطات الأمنية تحبط مئات المحاولات السنوية للتسلل بقوارب الموت.
«الشروق» حاولت البحث في اسباب بحث الشباب التسلل نحو الضفة الشمالية للمتوسط في قوارب الموت في مغامرة قد تودي بحياتهم.
وحسب معطيات من منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكثر من 10آلاف شخص لقوا حتفهم في مياه المتوسط منذ سنة 2014 نتيجة لمحاولات هجرة سرية فاشلة وغرق مراكبهم. ارتفع عدد المهاجرين السريين الذين لقوا حتفهم في ضفاف المتوسط سنة 2015 ليصل 5350 حارقا مقابل 3500 حارق سنة 2014 .تمكنت منطقة الحرس الوطني بطبلبة ولاية المنستير من إلقاء القبض على 11 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 17 و27 سنة بمنزل بمدينة قصر هلال اعترفوا بأنهم كانوا ينوون الابحار خلسة نحو إيطاليا منذ أيام.
فيما شهدت جهة بن قردان فاجعة خلال شهر جويلية تمثلت في استقبال المستشفى لخمسة شبان أصيلي الجهة غرقوا قبالة السواحل الليبية أثناء محاولتهم التوجه إلى إيطاليا خلسة. وفي الشهر نفسه أعلنت السلطات الليبية عن غرق مركب كان يضم 28 تونسيا نجا منهم 12 فقط في حين تم فقدان باقي المجموعة.وتتالت خلال الفترة الأخيرة عمليات إحباط محاولات التسلل عبر البحر من الحرس البحري في نابل وغيرها من الوجهات.
في خبر كان
عادة ما تولد الحرقة حرقة في قلوب الأهالي الذين يفتقدون أبناءهم دون معرفة مصيرهم، مئات من الشباب التونسيين اختفوا في مصير مجهول بين الأحياء والاموات وهو ما جعل الأهالي ينشؤون جمعية للمفقودين. وقد تم تأسيس جمعية «امهات المفقودين» ، واللاتي عادة ما نجدهن في ندوات ومؤتمرات حاملات لصور أبنائهن المفقودين ملتاعات دون معرفة إن كانوا من الأحياء أو الأموات.
وقد أشارت دراسة أعدها مركز الدراسات الاجتماعية حول الهجرة السرية أن 77 بالمائة من الشباب التونسيين يجاهرون بأن حلمهم يتمثل في الهجرة خاصة إلى البلدان الأوروبية منها إيطاليا وفرنسا، وإلى عدد من البلدان الخليجية.
وخلال حديث مع أحد الشبان قال إنه حاول الـ»حرقة» ذات مرة ولكنه فشل وعادت المركب وهو ينوي المحاولة ثانية. وأضاف أنه لن يتوانى عن المحاولة ثانية إذا ما سنحت له الفرصة. واعترف أن المستقبل مفقود ولا يوجد الأمل لحياة سعيدة وكما يتصورونها في تونس وهو ما يجعل من العيش في أوروبا حلم حياته كي يحيا، لا سيما في غياب سبل الهجرة الرسمية. وقال :»لم يعد هناك أمل يا هكا.. يا هكا.. الحياة بهذه الطريقة لا تستقيم.»
شاب آخر تحدث أنه يشعر بالاختناق وانه لو سنحت له فرصة الهجرة ولو سرا لقام بالتجربة وقال إنه يشعر بالندم لأنه لم يغامر مع أصدقاء له بالسفر أيام الثورة والتسلل عبر البحر إلى إيطاليا فهو يعرف أصدقاء «نجحوا» في الهجرة السرية وبدؤوا في تغيير حياتهم والعمل وإتمام الأوراق الرسمية للإقامة.
ويحذر المختصون من تواصل الظاهرة وارتفاعها لا سيما مع ارتفاع نسب البطالة والإحباط وشعور الشباب بغياب الآفاق في تونس.
الأسباب تتجاوز البطالة
يشير الدكتور عبد الستار السحباني رئيس جمعية علم الاجتماع إلى وجود اسباب متعددة للحرقة فالثورة كانت ثورة الشباب في البداية. واشار إلى وجود 25 الف عملية حرقة. وقال إن الإشكال كبير وهو ناجم عن فعل شبكي. واعتبر أنه إضافة إلى الأسباب المادية والبطالة فإن هناك شبكات تعمل على استقطاب الشباب من أجل الهجرة واستغلالهم ماديا، كما أن هناك عائلات تمول أبناءها من أجل السفر للخارج.
أرقام ودلالات
25 ألف تونسي قاموا بالهجرة السرية خلال الخمس سنوات الأخيرة حسب رضوان عيارة كاتب الدولة التونسي المكلف بالهجرة.
5350 حارقا لقوا حتفهم في البحر المتوسط في 2015.
مغالطات السياسيين أعادت الإحباط
مصطفى عبد الكبير (ناشط حقوقي):
قال مصطفى عبد الكبير إن محاولات «الحرقة» ارتفعت بعد الثورة، وقد فقدنا مئات من الشباب من خيرة ابنائنا لأن الوضع في تونس قد جعل الشباب يفكر في الهجرة، فبعد أن كان لديهم الأمل في تغير الوضعية بعد الثورة وفي برامج التنمية أصيبوا بعد سنتي 2015 و2016 بالإحباط نتيجة مغالطات السياسيين وكبار القوم الذين أكثروا الوعود ولم يلمسوها. شبابنا لهث نحو تجربة فاشلة وعادت الفكرة للهجرة من الشواطئ التونسية وليبيا .
لقراءة الخبر من المصدر اضغط على الرابط