فجرت قضية ما يعرف بتهريب «الفوشيك» جدلا واسعا ووجهت خلفياتها أصابع الاتهام إلى العديد من الاطراف التي تحاك حولها سيناريوهات متعددة ويطرح حولها ألف سؤال وسؤال. هالة من الغموض تحيط بالعملية وتلف أطوارها منذ انطلاقها الى ساعة الكشف عنها وصولا الى المتورطين فيها ولعل موقف نقابة ضباط الصف ورقباء الديوانة حول وجود «بارونات» تهريب يتحكمون في الإدارة العامة للديوانة، وتدخل عدة أطراف في قضية الشماريخ زاد المسألة تعقيدا.
فهل شهد شاهد من اهلها وأصبحت مسالة اختراق صفوف الديوانة ،مسالة حقيقية ام هي مجرد اتهامات بغاية تصفية الحسابات؟؟ وان كانت مجرد شبهات من يسهل دخول اطنان من السلع المهربة والشماريخ التي تغرق البلاد ومن اين تعبر وكيف تباع على مرأى ومسمع من السلط المعنية بحجزها وإيقاف باروناتها قبل تخطيها الحدود والمعابر ؟
كشف رضا النصري رئيس نقابة ضباط الصف ورقباء الديوانة في تصريح لوسائل الاعلام عن وجود أطراف عديدة مورّطة في قضية «الفوشيك» في صفاقس، وعن وجود إخلالات أيضا مؤكدا أن الديوانة مخترقة من قبل بعض الأطراف التي تسهل عمليات التهريب، ودعا أيضا إلى ضرورة أن يشمل البحث والتحقيق مختلف الأطراف الأخرى المتدخلة في العملية، وكشف المتحدث عن صفقة مشبوهة لاقتناء 82 سيارة لفائدة أعوان الديوانة بقيمة أكثر من 6 مليون دينار مطالبا بالقيام بتحقيق يشمل البحث والتحقيق مختلف الأطراف المتدخلة في العملية مؤكدا أنّ مغازة التسريح الديواني في صفاقس تحوم حولها العديد من الشبهات.
تعطيل مشاريع الاصلاح
من جهته أكد رئيس المكتب التنفيذي لنقابة أعوان الديوانة محمد الغضبان في تصريح للمغرب ان اطرافا متعددة تتدخل في افساد منظومة الديوانة في تونس وادخالها في نفق الشبهات وقال ان « مسؤولين كبارا في سلك الديوانة رفضوا منظومة الاصلاح بل ويعطلون كل مشاريع الاصلاح وتحيط بهم لوبيات كبيرة تساندهم وتعمل ما في وسعها لايقاف مشاريع الاصلاح وتعطيل مسارها حتى تظل منظومة الديوانة مهمشة وتشتغل بنفس النسق ونفس الوتيرة دون مراقبة ودون متابعة بين مشكك ومؤكد في اختراقها وهو ما من شانه ان يعزز نسق الفساد ويخدم مصلحة الاطراف المتورطة في مسالك التهريب
وقال ان هناك العديد من المهربين الكبار حققوا ارباحا خيالية وثروة طائلة بآلاف المليارات مكنتهم من تعميق اتصالاتهم ببعض المسؤولين الكبار في سلك الديوانة وأصبحوا يتدخلون حتى في عمليات النقل حسب ما تقتضيه مصالحهم في المنطقة التي يهربون فيها سلعهم وهي عملية من المفروض ان تكون عملية خاصة بالإدارة العامة للديوانة ولا تخضع لتدخل أي طرف خارجي.
وقال الغضبان ان قضية تهريب الفوشيك كانت القطرة التي افاضت الكاس وكشفت الستار عن العديد من الاخلالات والتجاوزات التي يجب ايقافها حتى لا تكون هناك عمليات اخرى اكثر خطورة ربما تؤدي بالبلاد الى كارثة وقال انه في السابق عندما كانت النقابة تتحدث عن الاخلالات والتسيب في صفوف بعض اعوان الديوانة وتورط بعض الاطراف في تسهيل عمليات التهريب كان الجميع يتهمونها بالتهويل وإثارة البلبلة والاشاعات إلا ان هذه القضية التي تورط فيها بعض الاطراف اكدت فعلا فشل منظومة العمل الحالية بسلك الديوانة وهو ما يتطلب اصلاحات جذرية وفورية وعاجلة لإنقاذ البلاد من خطر يتربص بها»
الاسباب العميقة
أكد محمد الغضبان رئيس المكتب التنفيذي لنقابة أعوان الديوانة للمغرب ان تبسيط قضايا التهريب وعدم تجريمها بالإضافة الى معاقبة المتورطين فيها بمجرد نقلتهم نقلة تأديبية من منطقة الى اخرى والزج بالأعوان البسطاء في السجن ثم اطلاق سراح البارونات المتورطين في تهريب السلع وإغراق البلاد بالأموال الفاسدة والتغافل عن الاسباب العميقة التي دفعت الى ارتكاب مثل هذه الجرائم سيضع البلاد في منعرج خطير.
في حديثه عن منظومة اصلاح الديوانة قال الغضبان ان مسالة الاصلاح تتطلب ارادة سياسية قوية وتوفير كل الامكانيات للقضاء على بذور الفساد مع الاحاطة بالأعوان اجتماعيا حتى لا يسقطوا في فخ الرشوة والفساد خاصة وان اجور اعوان الديوانة اقل من اجور الوظيفة العمومية بنسبة تتراوح بين 10 و13 % وهو ما يعزز بداخل بعضهم النزوع الى المسالك الممنوعة لتوفير مداخيل مالية اضافية وبالتالي يدفع بهم الى الرشوة والفساد تحت ضغط الظروف الاجتماعية السيئة وأكد ان هناك العديد ممن يسمون انفسهم برجال الاعمال متورطون في ملفات كبيرة وتهريب بالمليارات تم التفطن اليهم والى العناصر التي تسهل اعمالهم فانطلقوا في عمليات تشويه للسلك وبعض الشرفاء وهذه البلبلة التي تثار حول الديوانة من شانها ان تزيد في احباط بعض المسؤولين والأعوان وتصيبهم باليأس وتضعف عزائمهم.
وقال انه يجب تجريم التهريب الذي مازال الى اليوم لا يعتبر جناية في القانون وقد طالبت الديوانة بعد الثورة بضرورة تجريمه وسن قانون خاص به بعد ان تفاقم معدل التهريب وارتفعت نسبة التجارة الموازية إلا ان هذا المطلب تم التغافل عنه وتهميشه بالاضافة الى التراخي والتساهل مع المهربين الذين ينخر فسادهم الاقتصاد الوطني وأشار الى وجود العديد من الاخلالات الادارية في النظام وطريقة العمل ادى الى ارتفاع وتيرة التهريب.
يذكر ان الجمعية التونسية للمراقبين العموميين اجرت في شهر مارس المنقضي دراسة حول الفساد الصغير في تونس كشفت عن لجوء 27 % من التونسيين لدفع الرشوة لقضاء معاملاتهم الإدارية حيث قدرت الدراسة المبلغ الجملي لهذه الرشاوى خلال الفترة المتراوحة بين ماي 2013 وماي 2014 بـ 450 مليون دينار دون احتساب الهدايا المختلفة التي تقدم في الإطار نفسه.وقد أكدت الدراسة أن العون الاداري هو المتسبب في تفشي الرشوة في الادارة بنسبة 56 %، كما اكدت ان سلكي الامن والديوانة يحتلان صدارة القطاعات المعنية بالفساد الصغير.
لقراءة الخبر من المصدر اضغط على الرابط.