الحق في النفاذ الى المعلومة من قبل المواطن فيه مصلحة للوطن والمواطن وهو شكل من أشكال مقاومة الفساد ودعم الشفافية. لكن يطرح السؤال التالي: لماذا بقيت المعاهدات الدولية واللزمات سرّية ؟
حق النفاذ الى المعلومة هو مطلب ملح في الوقت الراهن للوقوف في وجه الفاسدين ومحاصرتهم هذا ما أكده السيد الأسعد الذوادي العضو بمنظمة «ايلاف» للدفاع عن المستهلك والخبير الجبائي و عضو المجمع المهني للمستشارين الجبائيين والجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا ومؤسس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين
ويشرح الموضوع بالقول «إن نفاذ المواطن التونسي للمعلومة سيمنحه فرصة الاطلاع على القوانين والمعاهدات الدولية التي ما تزال سرية وغير متاحة للجميع وهذا التعتيم والمنع يساهم بشكل كبير في استفحال الفساد وشجّع المفسدين ومواصلة الاستراتيجية اللاّوطنية في التغطية على المفسدين والشركات العملاقة التي تنشط في تونس وفق قوانين غير معلنة وغير محينة ولا تتلاءم وطبيعة مجتمعنا الحالي».
ويضيف ان النفاذ الى المعلومة سيدعم الشفافية ويحد بصفة فاعلة من تواصل انتشار الفساد خاصة في المجالين الصناعي والتجاري.
قوانين غير مطبقة
ويشير الأستاذ الأسعد الذوادي الى أن الدارس والباحث والطالب وصاحب المؤسسة يواجه صعوبات جمّة قد لا تنتهي عند حاجته لمعاهدة دولية مصادق عليها من قبل تونس كاتفاقية تفادي ازدواج ضريبي في نسختها العربية على سبيل المثال.
فالمعاهدات الدولية المصادق عليها أعلى رتبة من القانون الداخلي وكان من المفروض نشرها مثلما نصّ على ذلك الفصل 52 من الدستور المعطل حتى يتمكن الجميع من الاطلاع عليها علما أن بعض المعاهدات تم نشرها عن طريق المطبعة الرسمية بمبادرات فردية وليس تطبيقا لأحكام الفصل المذكور.
فعلى سبيل المثال، بادرت ادارة الجباية بالتعاون مع المطبعة الرسمية بإصدار كتابين باللغة الفرنسية التي هي لغة اعلام فحسب ضمّنتهما أغلب اتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي على الرغم من أن النسخة العربية هي الوحيدة التي تبقى معتمدة بتونس لدى كل الهيئات الادارية والقضائية !
هذه الخطوة جاءت مخالفة لسياسة الدولة في مجال التعريب وللفصل الأول من القانون عدد 64 لسنة 1993 مؤرخ في 5 جويلية 1993 يتعلق بنشر النصوص بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وبنفاذها الذي نصّ بوضوح على ما يلي: «يكون نشر القوانين والمراسيم والأوامر والقرارات بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية باللغة العربية. ويتم كذلك نشرها بلغة أخرى وذلك على سبيل الاعلام فحسب..».
الأغرب من ذلك أنه وخلافا للأحكام السابقة الذكر والفصل 52 من الدستور المعطل لا تنشر المعاهدات الدولية ومن ضمنها اتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي بالرائد الرسمي لكي يتمكن الجميع من الاطلاع عليها بل تكتفي الادارة بنشر قانون المصادقة عليها الذي يحتوي على بضعة أسطر ليتيه بذلك أصحاب الحاجة اليها من الدارسين وغيرهم في الصحراء.
نفس الشيء ينطبق على أغلب مجلات الواجبات المهنية المتعلقة ببعض المهن المنظمة حيث تكتفي الادارة بنشر القرارات الوزارية المتعلقة بالمصادقة عليها. بالنسبة الى هذه الحالة، كيف يمكن لصاحب المصلحة أن يدافع عن حقوقه اذا ما اتضح أن مجلة الواجبات المهنية مصبوغة بعدم الشرعية كليا أو جزئيا مثلما هو الشأن بالنسبة لمجلة الواجبات المهنية للخبراء المحاسبين التي أضافت الى مهام الخبير المحاسب مهام الاستشارات القانونية والجبائية وغيرها من خلال فصلها 25 في خرق للفصل 2 من قانون مهنته والفصل 2 من قانون المحاماة والفصل الأول من قانون المستشارين الجبائيين وهي مهام محجّر على الخبير المحاسب القيام بها.
فهل ستبادر الادارة بايجاد الآلية الكفيلة بنشر المعاهدات واللزمات وغيرها من النصوص التي تتم المصادقة عليها بقوانين أو أوامر أو قرارات وكذلك التراتيب البلدية التي تكتسي أهمية قصوى بالنسبة للمواطن ويصعب عليه في أغلب الأحيان الاطلاع عليها وذلك بالموقع الالكتروني للحكومة مثلما تفعل ذلك عديد البلدان المتطورة.