احتوى الرائد الرسمي الأخير على 63 تسمية وتعيين بوزارة الداخلية ..وقبله احتوى على 32 تسمية جديدة بالوزارة نفسها ..فيما احتوى عدد آخر سابق على 60 تسمية ..تسميات عديدة شملت مختلف مفاصل وزارة الداخلية وأثارت تساؤلات وشكوكا…
في الاعداد الأخيرة من الرائد الرسمي، تميز الجزء الخاص بوزارة الداخلية بعديد الأوامر الصادرة عن رئيس الحكومة و بعديد القرارات الصادرة عن وزير الداخلية والمتعلقة كلها بتسميات وتعيينات عديدة في عديد الخطط و الوظائف. كما تميز أيضا بعديد الأوامر و القرارات المتعلقة بـ«إنهاء المهام» وحل المجالس البلدية ( النيابات الخصوصية).
وقد شملت أوامر و قرارت التعيينات والتسميات وانهاء المهام عدة خطط ووظائف منها مثلا الولاة والكتاب العامين للولايات والمعتمدين الأُول والمعتمدين و النيابات الخصوصية ورؤسائها (البلديات) إلى جانب الكتاب العامين للبلديات والمديرين وكاهية المدير ورؤساء المصالح بمختلف بلديات الجمهورية.
موجة .. وامتداد
أثارت هذه «الموجة» من التعيينات والتسميات وانهاء المهام الخاصة بوزارة الداخلية جملة من الانتقادات لدى المتابعين للشأن السياسي في البلاد. حيث هناك من اعتبر أن أغلب المُعينين مؤخرا محسوبين على حزب النهضة وبالتالي فان «الموجة» المذكورة تدخل ـ في نظرهم ـ في إطار مزيد احكام سيطرة الحكومة الحالية على المفاصل الاساسية بالإدارة ، خصوصا ان الأمر متعلق بوزارة الداخلية التي يقودها اليوم وزير تابع لحزب النهضة (علي العريض ) والتي لها ثقل خاص بحكم ما لها من «امتداد» جغرافي هام في عمق البلاد قد يجعلها مؤهلة للعب دور هام خلال الانتخابات القادمة .
ثقل جهوي
بما أن الأمر يتعلق بموجة تعيينات وتسميات صلب الولايات والمعتمديات والبلديات ، وهي مؤسسات منتشرة بكافة أرجاء البلاد، فانه من الطبيعي أن تثير عديد الشكوك لدى المواطن ولدى المتابعين للشأن السياسي والحزبي في البلاد .
فالأنظار ستتجه، عند تنظيم الانتخابات القادمة، خاصة أثناء الحملات الانتخابية ويوم الاقتراع إلى هذه المؤسسات الجهوية والمحلية للوقوف على حيادها من عدمه آنذاك . وسيكون هناك تخوفا من أن تساهم هذه المؤسسات (بحكم ثقلها في الجهات) في التأثير على الناخبين وفي توجيههم نحو التصويت لطرف معين . ويأتي هذا التخوف رغم أن وزارة الداخلية بكافة مؤسساتها الجهوية والمحلية لن تكون معنية بتنظيم الانتخابات مثلما كان يحصل ذلك في العهد السابق . إذ من المنتظر أن يكون تنظيم الانتخابات والاشراف عليها موكولا بصفة مطلقة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي يجري تكوينها الآن ، مثلما حصل ذلك في انتخابات 23 أكتوبر 2011 .
حياد الإدارة
رغم إبعاد وزارة الداخلية والإدارة بشكل عام عن تنظيم الانتخابات والاشراف عليها، إلا أنه لا شيء سيضمن في رأي البعض أن لا تتدخل الإدارة في الشأن الانتخابي خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة. فموجة التعيينات والتسميات التي احتواها الرائد الرسمي طيلة الأشهر الأخيرة شملت كل الوزارات بلا استثناء (على الصعيدين المركزي والجهوي ). ورغم أن أغلب التعيينات والتسميات هي استحقاق شرعي للمنتفعين بها ( في إطار التدرج الوظيفي الذي يسمح به القانون) إلا أن تواترها وتتاليها في فترات متقاربة يطرح في الأذهان عديد التساؤلات.
ويبقى الأمل في أن يتحلى مختلف العاملين بالإدارة التونسية بالحياد والاستقلالية اللذين تفرضهما عليهم مبادئ العمل الإداري المعمول بها في شتى دول العالم ، وفي أن يبتعدوا أقصى ما يمكن عن الشبهات وعن «تسييس وتحزيب» العمل الإداري حتى لا يفسدوا هذا الاستحقاق الهام الذي ينتظره التونسيون و ستتوجه إليه كل أنظار العالم .